﴿قُمِ
ٱلَّيۡلَ إِلَّا قَلِيلٗا ٢ نِّصۡفَهُۥٓ
أَوِ ٱنقُصۡ مِنۡهُ قَلِيلًا ٣ أَوۡ زِدۡ عَلَيۡهِ وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ
تَرۡتِيلًا﴾ [المزمل: 2-4] ثم بَيَّن الله سبحانه وتعالى أنه ليس
المراد أنه يقوم الليل كله، بل يقوم نصفه أو يَنقص منه قليلاً أو يَزيد عليه.
وهذا
كان واجبًا على النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمِنَ ٱلَّيۡلِ
فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةٗ لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامٗا مَّحۡمُودٗا﴾ [الإسراء: 79].
﴿قُمِ ٱلَّيۡلَ إِلَّا قَلِيلٗا ٢ نِّصۡفَهُۥٓ أَوِ
ٱنقُصۡ مِنۡهُ قَلِيلًا ٣ أَوۡ زِدۡ عَلَيۡهِ وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ تَرۡتِيلًا﴾ فخَيَّره الله سبحانه وتعالى، ووَسَّع له في ذلك، في أن
يقوم ثلثي الليل، أو نصفه، أو ثلث الليل؛ كما في آخر السورة، ولم يُحَتِّم عليه
مقدارًا معينًا.
ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿وَرَتِّلِ
ٱلۡقُرۡءَانَ﴾ أي: في التلاوة أثناء صلاة الليل.
﴿وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ تَرۡتِيلًا﴾
أي: تَمَهَّلْ في قراءته ولا تستعجل، ولا تَهُذه هَذًّا بدون تدبر، بل اقرأه قراءة
متمهلة مفسرة؛ بالوقوف على رءوس الآيات، ولا يَهُذه هَذًّا؛ لأن هذا من أسباب
التدبر. أما لو أسرع وهَذَّه هَذًّا فإنه لن يتدبره، فالتلاوة تكون متوسطة بين
الهَذِّ وبين التمطيط والتمديد الزائد والممل المتكلف. فيكون بين هذا وذاك.
هذه
هي القراءة المشروعة؛ لأن ترتيل القرآن وسيلة إلى تدبره والتأمل في معانيه، ووسيلة
إلى الخشوع في تلاوته. فهذا من آداب تلاوة القرآن.
فالقرآن
مرتل في نزوله، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَقُرۡءَانٗا فَرَقۡنَٰهُ لِتَقۡرَأَهُۥ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكۡثٖ وَنَزَّلۡنَٰهُ تَنزِيلٗا﴾ [الإسراء: 106] يعني:
نَزَّلناه متتابعًا، ولم ينزل جملة واحدة، بل نَزَل مُفَرَّقًا على الرسول صلى
الله عليه وسلم، حتى تكامل في آخِر حياته صلى الله عليه وسلم.
فهو
مُرَتَّل في نزوله ولم ينزل جملة واحدة، ومُرَتَّل في تلاوته، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ
تَرۡتِيلًا﴾.