×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الثاني

ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا سَنُلۡقِي عَلَيۡكَ يعني: القرآن، أي: ننزله عليك ونوحيه إليك.

﴿قَوۡلٗا، فالقرآن قول؛ لأنه كلام الله سبحانه وتعالى، فهو قول الله وكلامه وتنزيله سبحانه وتعالى.

﴿ثَقِيلًا ثقيلاً في معناه، وثقيلاً في العمل به، وثقيلاً في قَدْره ومنزلته.

وأما في ألفاظه فالقرآن الكريم مُيَسَّر، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ [القمر: 17].

فهو مُيَسَّر في تلاوته وحفظه. أما من ناحية العمل بأوامره ونواهيه، فهو ثقيل على النفوس. وكذلك في معانيه؛ لأن معانيه غزيرة، ولا أحد يحيط بمعاني القرآن وعلومه، وإنما كُلٌّ يأخذ منه بما آتاه الله سبحانه وتعالى.

ثم بَيَّن الله سبحانه وتعالى للرسول صلى الله عليه وسلم كيف يقابل هذا القول الثقيل، يقابله بقيام الليل؛ لأن قيام الليل أسهل من قيام النهار.

فقال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيۡلِ، فتستعين على تلاوة القرآن وتدبره بأن يقرأه في صلاة الليل.

و﴿هِيَ أَشَدُّ وَطۡ‍ٔٗا هي القيام بعد النوم، فينام أول الليل ويريح نفسه، ثم يقوم. وهكذا كان يفعل صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يبادر بالنوم بعد صلاة العشاء ويَكره الحديث بعدها؛ من أجل قيام الليل.

﴿وَأَقۡوَمُ قِيلًا أي: أشد توافقًا بين اللسان والقلب، فيكون القلب حاضرًا في صلاة الليل أكثر من حضوره في صلاة النهار؛ لأن في الليل تهدأ الأصوات وتنقطع فيه الحركات، وليس فيه ما يشغل الإنسان عن تدبر القرآن. وهذا بخلاف النهار، فإنه تَكثر فيه الشواغل والأصوات، فينشغل الإنسان ويَقِلّ تدبره للقرآن.


الشرح