فكان صلى الله عليه وسلم يَكره عبادة الأصنام،
فحُبِّب إليه الخلاء؛ ليَبعد عن الأصنام وأهلها وعن دين المشركين.
فكان
صلى الله عليه وسلم يذهب إلى غار حراء، وهو غار في رأس الجبل الذي يسمى الآن جبل
النور، وهو جبل حِراء، وهو على رأسه غار، مستقبل الكعبة المشرفة. فجعل صلى الله
عليه وسلم يذهب إلى هذا الغار، ويخلو فيه لعبادة ربه عز وجل، وليبعد عن المشركين
ودينهم، فكان صلى الله عليه وسلم يمكث في هذا الغار الليالي ذوات العدد، ثم يرجع
ويتزود مرة ثانية، ويذهب إلى هذا الغار ليخلو بربه سبحانه وتعالى ويبعد عن دين
المشركين.
وبينما
هو صلى الله عليه وسلم في الغار على عادته، إذ هو بالمَلَك - جبريل عليه السلام -
جاء إليه فقال له: ﴿ٱقۡرَأۡ﴾،
فقال صلى الله عليه وسلم: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ» أي: لا أُحْسِن القراءة.
فهو صلى الله عليه وسلم لا يقرأ ولا يكتب، فغَطَّه غَطَّة شديدة، حتى بلغ منه
الجَهد، فقال له: ﴿ٱقۡرَأۡ﴾،
فقال صلى الله عليه وسلم: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ»، فغَطَّه جبريل عليه
السلام المرة الثالثة، وقال له: ﴿ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ ١ خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِنۡ عَلَقٍ ٢ ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ ٣ ٱلَّذِي عَلَّمَ بِٱلۡقَلَمِ ٤ عَلَّمَ ٱلۡإِنسَٰنَ مَا لَمۡ يَعۡلَمۡ﴾
[العلق: 1- 5].
فحَفِظها
رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما تلقاها من جبريل عليه السلام، وجاء إلى زوجه
خديجة رضي الله عنها مرعوبًا، يرتجف من الرعب، من رؤية المَلَك عليه السلام
ومفاجأة الوحي له، فقال لها صلى الله عليه وسلم: «زَمِّلُونِي، زَمِّلُونِي»:
أي: غطوني، فزَمَّلوه.
فأنزل الله سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ ١ قُمِ ٱلَّيۡلَ إِلَّا قَلِيلٗا﴾ [المزمل: 1، 2]، السورة التي مضت ([1]).