ثم فَتَر الوحي بعد ذلك، ثم عاد إليه الوحي مرة
ثانية، وجاءه جبريل عليه السلام، وهو صلى الله عليه وسلم متدثر بفراشه، فقال له: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ
١ قُمۡ فَأَنذِرۡ﴾
إلى آخر السورة ([1]).
فنجد
حينئذٍ أن المراحل التي مرت به أربع: الرؤيا، ثم الوحي الذي صار به نبيًّا، نبأه
الله سبحانه وتعالى بـ ﴿ٱقۡرَأۡ﴾
[العلق: 1]، ثم أرسله بالمدثر ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ ١ قُمۡ فَأَنذِرۡ﴾ لذلك يقول العلماء: إنه نُبِّئَ بـ
﴿ٱقۡرَأۡ﴾
[العلق: 1]، وأُرسل بـ ﴿ٱلۡمُدَّثِّرُ﴾.
فالله
سبحانه وتعالى عَلَّمه قبل الدعوة، ﴿ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ ١ خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِنۡ عَلَقٍ ٢ ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ ٣ ٱلَّذِي عَلَّمَ بِٱلۡقَلَمِ ٤ عَلَّمَ ٱلۡإِنسَٰنَ مَا لَمۡ يَعۡلَمۡ﴾
[العلق: 1- 5].
فمرت
به مراحل:
أولاً:
﴿ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ
ٱلَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق: 1- ]، فدل هذا على أن الذي يدعو إلى الله لا بد
أن يتعلم.
ثانيًا:
ثم أُمِر صلى الله عليه وسلم بقيام الليل؛ لأن الذي يدعو إلى الله سبحانه وتعالى
لا بد أن يعمل بما عَلَّمه الله عز وجل، ثم يدعو إليه بعد ذلك.
ثم
إنه في المرحلة الأخيرة قال تعالى: ﴿قُمۡ فَأَنذِرۡ﴾.
قال سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ﴾ الأصل: «المتدثر»، فأُدغمت التاء في الدال، فصارت ﴿ٱلۡمُدَّثِّرُ﴾، وبعض القراء يقرأها على أصلها: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ﴾. أي: المتغطي والمتلفف بلحافك ([2]).
([1])كما في الحديث الذي أخرجه: البخاري رقم (4).