×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الثاني

﴿قُمۡ فَأَنذِرۡ: قم من رُقادك ومن منامك، فأنذِر الناس وحَذِّرهم من الشرك.

﴿وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ: «رَبَّكَ» منصوب على أنه مفعول للفعل «كَبِّرْ»، فالأصل هو «وَكَبِّرْ رَبَّكَ»، لكنه قَدَّم المعمول فقال: ﴿وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ أي: عَظِّمه ونَزِّهه عن النقائص والعيوب، وعن الشرك وعن كل وصف ذميم، عَظِّم ربك. وهذا فيه الإخلاص.

﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرۡ قيل: المراد بالثياب: الثياب المعروفة، اللباس، طَهِّرها من النجاسة. وهذا فيه دليل على أن الصلاة يُشترط لها الطهارة من الحدث، ويُشترط لها الطهارة في البدن والطهارة في البقعة.

وقيل: المراد بقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرۡ أي: نَزِّه أعمالك من الشرك وأخلصها لله عز وجل ([1]).

ولا مانع من أن يراد كلا المعنيين، فيكون المطلوب تطهير الثياب الحسية من النجاسة، وتطهير الأعمال من الشرك ومن البدع والمعاصي. فالطهارة مطلوبة: الطهارة الحسية وهي تطهير الثياب، والطهارة المعنوية وهي تطهير الأعمال من الشرك؛ لأن الشرك نجاسة معنوية، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُشۡرِكُونَ نَجَسٞ [التوبة: 28]، نجاسة معنوية.

﴿وَٱلرُّجۡزَ فَٱهۡجُرۡ: «الرُّجْز»: الأصنام. وهَجْرها: تَرْكها.

فالداعي إلى الله سبحانه وتعالى لا بد أن يبدأ بهذا، فيبتعد عن الشرك وينهى عنه، فيبدأ بإصلاح العقيدة أولاً، ثم يتدرج بعد ذلك.

وأما الذين يقولون: «إننا ندعو إلى الله عز وجل، ولا نتعرض إلى عقائد الناس، كُلٌّ على عقيدته، ونجتمع على ما اتفقنا عليه، ويَعذر بعضنا


الشرح

([1])انظر: تفسير الطبري (29/ 142)، والقرطبي (19/ 62)، وابن كثير (4/ 442).