﴿قُمۡ
فَأَنذِرۡ﴾: قم من رُقادك ومن منامك، فأنذِر الناس وحَذِّرهم من
الشرك.
﴿وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ﴾:
«رَبَّكَ» منصوب على أنه مفعول للفعل «كَبِّرْ»، فالأصل هو «وَكَبِّرْ رَبَّكَ»،
لكنه قَدَّم المعمول فقال: ﴿وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ﴾
أي: عَظِّمه ونَزِّهه عن النقائص والعيوب، وعن الشرك وعن كل وصف ذميم، عَظِّم ربك.
وهذا فيه الإخلاص.
﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرۡ﴾ قيل: المراد بالثياب: الثياب
المعروفة، اللباس، طَهِّرها من النجاسة. وهذا فيه دليل على أن الصلاة يُشترط لها
الطهارة من الحدث، ويُشترط لها الطهارة في البدن والطهارة في البقعة.
وقيل:
المراد بقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرۡ﴾ أي: نَزِّه أعمالك من الشرك
وأخلصها لله عز وجل ([1]).
ولا
مانع من أن يراد كلا المعنيين، فيكون المطلوب تطهير الثياب الحسية من النجاسة،
وتطهير الأعمال من الشرك ومن البدع والمعاصي. فالطهارة مطلوبة: الطهارة الحسية وهي
تطهير الثياب، والطهارة المعنوية وهي تطهير الأعمال من الشرك؛ لأن الشرك نجاسة
معنوية، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا
ٱلۡمُشۡرِكُونَ نَجَسٞ﴾ [التوبة: 28]، نجاسة معنوية.
﴿وَٱلرُّجۡزَ فَٱهۡجُرۡ﴾: «الرُّجْز»: الأصنام. وهَجْرها:
تَرْكها.
فالداعي
إلى الله سبحانه وتعالى لا بد أن يبدأ بهذا، فيبتعد عن الشرك وينهى عنه، فيبدأ
بإصلاح العقيدة أولاً، ثم يتدرج بعد ذلك.
وأما الذين يقولون: «إننا ندعو إلى الله عز وجل، ولا نتعرض إلى عقائد الناس، كُلٌّ على عقيدته، ونجتمع على ما اتفقنا عليه، ويَعذر بعضنا
([1])انظر: تفسير الطبري (29/ 142)، والقرطبي (19/ 62)، وابن كثير (4/ 442).