قال سبحانه وتعالى: ﴿كَلَّاۖ﴾: هذا نفي،
أن الله سبحانه وتعالى لن يُنزل على كل واحد منهم كتابًا، بل يكفي الكتاب المنزل
على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
ثم
بَيَّن السبب فقال: ﴿بَل
لَّا يَخَافُونَ ٱلۡأٓخِرَةَ﴾: فالذي مَنَعهم ليس من أجل عدم
نزول كتاب لكل واحد منهم، بل الذي مَنَعهم هو أنهم لا يخافون الآخرة.
ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿كَلَّآ
إِنَّهُۥ تَذۡكِرَةٞ﴾ ﴿إِنَّهُۥ﴾ أي:
القرآن العظيم، وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ﴿تَذۡكِرَةٞ﴾ أي: تذكرة كافية لمن يريد الهداية.
أما مَن يريد التعنت فهذا لا حيلة فيه؛ لأنه لم يترك الحق عن جهالة، وإنما تَرَكه
عن عناد، فالمعاند ليس فيه حيلة أبدًا.
﴿فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُۥ﴾: مَن شاء وتَرَك الكبر والعناد
والتعجرف، ذَكَر القرآن ورجع إليه؛ لينقذ نفسه من الهلاك ويعرف الحق ويسلك طريق
النجاة. وهذا بمشيئة الله ثم مشيئة الإنسان، فدل ذلك على أن الإنسان له مشيئة وله
اختيار، وليس مجبرًا؛ كما تقول به الجبرية.
ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا
يَذۡكُرُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ﴾:
هذا فيه رَدٌّ على القدرية الذين يقولون: إن العبد له مشيئة مستقلة، وليس لله
إرادة في إيمان العبد وكفره، وإنما العبد هو الذي يَخلق فعل نفسه، وبه مشيئة
مستقلة وإرادة مستقلة. فهذا ضلال - والعياذ بالله -.
فمشيئة
العبد مربوطة بمشيئة الله سبحانه وتعالى، وليست مستقلة كما تقوله القَدَرية.
﴿هُوَ أَهۡلُ ٱلتَّقۡوَىٰ﴾: الله عز وجل أهل لأن يُتَّقَى هو، وأن يُتَّقَى غضبه وعقابه وبطشه ونقمته.