×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الثاني

* وقد ذَكَر الله سبحانه وتعالى في هذه السورة أحوال هذا الإنسان، وهي أحوال ثلاث:

الحالة الأولى: هي ما قبل خلقه، قال سبحانه وتعالى: ﴿هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ حِينٞ مِّنَ ٱلدَّهۡرِ لَمۡ يَكُن شَيۡ‍ٔٗا مَّذۡكُورًا.

الحالة الثانية: هي ما بعد خلقه وابتلائه وامتحانه في هذه الحياة الدنيا.

الحالة الثالثة: هي حاله في الدار الآخرة بعد البعث والنشور.

فقوله سبحانه وتعالى: ﴿هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ أي: مضى عليه ومَرَّ عليه.

﴿حِينٞ مِّنَ ٱلدَّهۡرِ أي: وقت من الزمان لا يعلمه إلاَّ الله سبحانه وتعالى. وذلك قبل خلق آدم عليه السلام.

﴿لَمۡ يَكُن شَيۡ‍ٔٗا مَّذۡكُورًا أي: قبل خلقه لم يكن شيئًا ولا وجود له، فليس الإنسان قديمًا، فكل المخلوقات ليست قديمة، والكون كله حادث، والأول هو الله سبحانه وتعالى، الذي ليس قبله شيء، والمخلوقات مُحْدَثة بعد أن لم تكن، وذلك بقدرة الله سبحانه وتعالى، ومنها هذا الإنسان فإنه ﴿إِنَّا خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجٖ نَّبۡتَلِيهِ فَجَعَلۡنَٰهُ سَمِيعَۢا بَصِيرًا.

ثم إن الله جل جلاله خَلَق آدم عليه السلام أبا البشرية من تراب، وصار طينًا حَمَأ مسنونًا، وخلق منه آدم عليه السلام، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ [الحجر: 26]، من تراب، ثم من طين من حَمَأ مسنون. وهذا من عجائب قدرة الله سبحانه وتعالى ! كيف أنه خَلَق من التراب ومن الطين الحمأ المسنون هذا الإنسان، الذي فيه عجائب قدرة الله جل جلاله، من جسم وعقل وسمع وبصر وحواس، مع أنه كان معدومًا في الأول؛ كما قال الله سبحانه وتعالى لنبيه زكريا عليه السلام: ﴿قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٞ وَقَدۡ خَلَقۡتُكَ مِن قَبۡلُ وَلَمۡ تَكُ شَيۡ‍ٔٗا [مريم: 9]، فهو موجود من العدم، وذرية آدم من نطفة، قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ. فهو سبحانه وتعالى خَلَق ذريته ونسله من نطفة، وهي المَنِيّ.


الشرح