﴿أَمۡشَاجٖ﴾
أي: مختلطة بين مَنِيّ الرجل ومَنِيّ المرأة، تنزل عند الجماع، مَنِيّ الرجل أبيض
غليظ، ومَنِيّ المرأة أصفر رقيق، فيجتمعان فيَخلق الله سبحانه وتعالى من مجموعهما
الإنسان، ذَكَرًا كان أو أنثى.
فقوله
سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا
خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ﴾ أي: ابن آدم،
﴿أَمۡشَاجٖ﴾
أي: مختلطة.
ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿نَّبۡتَلِيهِ﴾
أي: أن الحكمة من خلق هذا الإنسان وإيجاده أنه يُبتلى ويُمتحن بما يَجري عليه في
حياته من الخير والشر، ومن السرور والحزن، ومن الغِنى والفقر، ومن الأحوال
المختلفة.
الله
سبحانه وتعالى يبتليه ويختبره؛ ليتميز الإنسان الشاكر الصابر الذي يشكر عند النعم
ويصبر عند النقم، من الإنسان الذي يكفر عند النعم ويجزع عند النقم.
﴿فَجَعَلۡنَٰهُ سَمِيعَۢا بَصِيرًا﴾:
جعل الله سبحانه وتعالى له مدارك يَعرف بها الخير من الشر، ﴿سَمِيعَۢا﴾:
يسمع، ﴿بَصِيرًا﴾
يبصر، عاقل يميز الأمور، عنده قدرة على الحركة والاكتساب، فهو مُزَوَّد بكل ما
يَحتاج إليه لمصالحه.
﴿إِنَّا هَدَيۡنَٰهُ﴾ أي:
أرشدناه.
والمراد
بالهداية هنا: هو هداية الدلالة والإرشاد؛ كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ
فَهَدَيۡنَٰهُمۡ﴾ أي: أرشدناهم وبَيَّنَّا لهم، ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ
فَهَدَيۡنَٰهُمۡ فَٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡعَمَىٰ عَلَى ٱلۡهُدَىٰ فَأَخَذَتۡهُمۡ صَٰعِقَةُ
ٱلۡعَذَابِ ٱلۡهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ﴾ [فصلت: 17].
*
لأن الهداية على قسمين:
هداية
دلالة وإرشاد، وهي عامة لكل الخلق - المؤمن والكافر -.
وهداية توفيق، وهذه خاصة بالمؤمن الذي يستجيب لأوامر الله سبحانه وتعالى،