فهذا يهديه الله، بمعنى أنه يُثبته على الحق،
ويوفقه للخير إذا هو أقبل على الخير ورَغِب فيه.
فكُلٌّ
مُيَسَّر لما خُلِق له، ما تركه الله سبحانه وتعالى في عَماية وحيرة، بل إن الله
جل جلاله بَيَّن له طريق الخير ورَغَّبه فيه وأَمَره به، وبَيَّن له طريق الشر
وحَذَّره منه ونهاه عنه. ثم إن الإنسان له اختيار وله مشيئة، وليس مجبرًا على
أفعاله.
ولهذا
قال سبحانه وتعالى: ﴿إِمَّا
شَاكِرٗا وَإِمَّا كَفُورًا﴾ [الإنسان:
3]، فالمؤمن يشكر الله سبحانه وتعالى، ويسلك طريق الخير الذي بَيَّنه الله له
وأَمَره به. وأما الكافر والمشرك والعاصي، فإنه يسلك طريق الشر الذي نُهِي عنه
وحُذِّر منه، فيرتكب ما نهاه الله عنه اتباعًا لهواه وشهوته ورغبته.
ثم
بَيَّن الله سبحانه وتعالى جزاء الفريقين - الشاكر والكفور -، فقال سبحانه وتعالى
في الكفور: ﴿إِنَّآ
أَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ سَلَٰسِلَاْ﴾، مَن سلك
طريق الشر، فإن الله سبحانه وتعالى أعد له سلاسل. وهذه السلاسل لا يعلمها إلاَّ
الله سبحانه وتعالى.
﴿وَأَغۡلَٰلٗا﴾: في أيديهم، تُغَل إلى أعناقهم،
فيُجمع عليه بين السلاسل والأغلال، قال سبحانه وتعالى: ﴿إِذِ ٱلۡأَغۡلَٰلُ فِيٓ أَعۡنَٰقِهِمۡ وَٱلسَّلَٰسِلُ يُسۡحَبُونَ﴾ [غافر: 71]، نسأل الله العافية.
﴿وَسَعِيرًا﴾ أي:
وأعتدنا لهم عذابًا يَستعر في أجسامهم ويتوقد في جثثهم، وهو النار - والعياذ بالله
-، فالسعير من أسماء النار، السعير والجحيم من أسماء النار.
ثم
ذَكَر الله سبحانه وتعالى الصنف الثاني، وهم أهل الإيمان، فقال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ
يَشۡرَبُونَ مِن كَأۡسٖ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا﴾:
الأبرار جمع بَر، وهو المطيع المتقي.