فقل له: العبد مُسَيَّر مُخَيَّر: فهو مُسَيَّر
في أفعال الله فهي تجري عليه، ولو لم يُرِد. أما من حيث أفعاله هو فإنه مُخَيَّر.
فهو مُسَيَّر ومُخَيَّر: من حيث القضاء والقدر، فإن العبد مُسَيَّر، فإنه لا ينفك
عن قضاء الله وقدره. ومن حيث أفعاله هو، فإنه مُخَيَّر، فهو الذي يطيع وهو الذي
يعصي، وهو الذي يُسْلِم وهو الذي يكفر. فهو مُخَيَّر من ناحية عمله.
فإن
قلتَ: «إن الإنسان مُخَيَّر فقط» فإنك مخطئ. وإن قلتَ: «إن الإنسان مُسَيَّر فقط»
فإنك مخطئ. فلابد أن تقول: إن الإنسان مُسَيَّر ومُخَيَّر.
قوله
سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا
تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ﴾:
هذا فيه رَدٌّ على القدرية. فعندنا طرفان: الجبرية يقولون: إن العبد مُجْبَر ولا
اختيار له. ورَدٌّ على القدرية الذين يقولون: إن العبد يخلق فعل نفسه ولم يُقَدِّر
عليه الله شيئًا من أفعاله.
فقوله
سبحانه وتعالى: رَدٌّ على الجبرية والقدرية، حيث جعله خاضعًا لمشيئة الله.
ثم
خَتَم الآية بقوله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا﴾،
لا يخفى عليه شيء، ﴿حَكِيمٗا﴾:
في أفعاله وأقداره، يضع الأمور في مواضعها فيمن يستحقها ويضع عذابه فيمن يستحقه.
ولهذا
قال: ﴿يُدۡخِلُ مَن
يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ﴾ أي: أنه يهديه، ويُيَسِّر له الخير
ويفتح له باب العمل الصالح.
﴿وَٱلظَّٰلِمِينَ أَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمَۢا﴾.
فرَتَّبَ العذاب على الظلم، والرحمة على العمل الصالح.
هذا، وصَلَّى الله وسَلَّم على نبينا محمد، وعلى آله
وأصحابه أجمعين.
***
الصفحة 10 / 524