فَتُوجَدُ نِعْمَةُ الْبَصَرِ قَدْ
أَحَاطَتْ بِعِبَادَةِ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ وَبَقِيَتْ نِعْمَةُ الْجَسَدِ
فَضْلاً عَلَيْهِ.
فَيَقُولُ:
أَدْخِلُوا عَبْدِي النَّارَ!!» قَالَ: «فَيُجَرُّ إِلَى
النَّارِ فَيُنَادِي: رَبِّ بِرَحْمَتِكَ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ:
رُدُّوهُ.
فَيُوقَفُ
بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقُولُ: يَا عَبْدِي، مَنْ خَلَقَكَ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا؟
فَيَقُولُ: أَنْتَ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: كَانَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِكَ أَوْ
بِرَحْمَتِي؟ فَيَقُولُ: بَلْ بِرَحْمَتِكَ. فَيَقُولُ: مَنْ قَوَّاكَ لِعِبَادَةِ
خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ؟ فَيَقُولُ: أَنْتَ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: مَنْ أَنْزَلَكَ
فِي جَبَلٍ وَسَطَ اللُّجَّةِ وَأَخْرَجَ لَكَ الْمَاءَ الْعَذْبَ مِنَ الْمَاءِ
الْمَالِحِ وَأَخْرَجَ لَكَ كُلَّ لَيْلَةٍ رُمَّانَةً وَإِنَّمَا تَخْرُجُ
مَرَّةً فِي السَّنَةِ، وَسَأَلْتَنِي أَنْ أَقْبِضَكَ سَاجِدًا فَفَعَلْتُ ذَلِكَ
بِكَ؟ فَيَقُولُ: أَنْتَ يَا رَبِّ.
فَقَالَ
اللَّهُ عز وجل: فَذَلِكَ بِرَحْمَتِي وَبِرَحْمَتِي أُدْخِلُكَ الْجَنَّةَ،
أَدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ فَنِعْمَ الْعَبْدُ كُنْتَ يَا عَبْدِي
فَيُدْخِلُهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ» قَالَ جِبْرِيلُ عليه
السلام: «إِنَّمَا الأَْشْيَاءُ بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى يَا مُحَمَّدُ»
([1]).
﴿وَكَانَ سَعۡيُكُم مَّشۡكُورًا﴾
عند الله سبحانه وتعالى. فالله غفور شكور، ومِن شكره لكم أنه أدخلكم الجنة، هذا
مِن شكره لكم على الطاعة وعلى العمل الصالح.
ثم إن الله سبحانه وتعالى خاطب نبيه صلى الله عليه وسلم في ختام السورة خطابًا خاصًّا، فقال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ تَنزِيلٗا﴾: نَزَّلناه مُفَرَّقًا. فالقرآن لم ينزل جملة واحدة، وإنما نزل مفرقًا على حَسَب الوقائع والحوادث في مدة ثلاث وعشرين سنة، هي حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرسالة، وكان