لأنهم لا يَعرفون قدرة الله سبحانه وتعالى التي
لا تعجزها شيء، ولم يتفكروا في أنفسهم، كيف أنهم خُلِقوا من غير شيء، فالذي خلقهم
من غير شيء أول مرة قادر على أن يعيدهم وهو أهون عليه، فالإعادة أهون من البداءة،
لكنهم لم يفكروا في هذا؛ لأن عقولهم قاصرة، لا تؤمن بالغيب ولا تعرف قدرة الله
سبحانه وتعالى.
ومن
شدة استنكارهم يتساءلون ويتحدثون في مجالسهم: ما هذا الكلام الذي جاء به هذا
الرجل؟! كما قالوا: ﴿وَقَالُوٓاْ
أَءِذَا ضَلَلۡنَا فِي ٱلۡأَرۡضِ أَءِنَّا لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدِۢۚ بَلۡ هُم بِلِقَآءِ رَبِّهِمۡ كَٰفِرُونَ ١٠ ۞قُلۡ يَتَوَفَّىٰكُم مَّلَكُ ٱلۡمَوۡتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمۡ ثُمَّ
إِلَىٰ رَبِّكُمۡ تُرۡجَعُونَ﴾ [السجدة:
10- 11].
فهم
يتساءلون ﴿عَنِ
ٱلنَّبَإِ ٱلۡعَظِيمِ﴾، عن الخبر العجيب الذي أخبرهم به رسول الله صلى
الله عليه وسلم، وأَخبرتْ به الرسل السابقة أممهم، وهو البعث.
فالرسول
صلى الله عليه وسلم ما جاء بشيء مختلف، بل جاء بشيء جاءت به الرسل من قبله.
ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿ٱلَّذِي
هُمۡ فِيهِ مُخۡتَلِفُونَ﴾، فمنهم مَن يقول: هذا سِحر. ومنهم
مَن يقول: هذا كذب. ومنهم مَن يقول: أساطير الأولين. فاختلفت أقوالهم، ولو كانوا
على حق ما اختلفت أقوالهم؛ لأن أهل الحق لا يختلفون أبدًا، إنما يختلف أهل الباطل.
فيجب
على الإنسان أن لا يجعل عقله هو المقياس؛ لأن هناك أشياء يدركها العقل، وأشياء لا
يدركها العقل، فعليه أن يُسَلِّم لها.
ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿كَلَّا﴾: ﴿كَلَّا﴾: حرف ردع وزجر. فزَجَرهم سبحانه وتعالى عن هذا الاختلاف. ﴿سَيَعۡلَمُونَ﴾، صِدق ما أَخبرتْ به الرسل. أي: عما قريب سيعلمون!! وأول ما يَعلم الإنسان عند الموت، فإذا تبدى له