العالَم الأخروي فإنه يؤمن، لكن لا يُقبل منه
الإيمان لأنه قد انتقل إلى علم الشهادة الذي لا ينكره أحد.
ثم
أَكَّد ذلك فقال: ﴿ثُمَّ
كَلَّا سَيَعۡلَمُونَ﴾، أي: سيؤمنون بما كذبوا به في وقت لا ينفعهم
فيه الإيمان.
ثم
ذَكَر الله سبحانه وتعالى الأدلة والبراهين على قدرته على البعث، بما أوجده مما
يشاهدونه بأعينهم من الآيات الكونية، ويعترفون أنها من تدبير الله وخلق الله، فما
لهم ينكرون البعث ويستغربون أن الله يقدر على إحياء الموتى؟
فقال:
﴿أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ﴾،
استفهام تقرير، أي: قد جعلنا الأرض التي يمشون عليها ﴿مِهَٰدٗا﴾، ممهدة لهم، يسيرون ويبنون وينامون ويستقرون
عليها، فمَن الذي خَلَق هذه الأرض الواسعة وجعلها مهادًا وفراشًا؟
هم
يعترفون بأن الله سبحانه وتعالى هو الذي قدر على خلق هذه الأرض.
﴿وَٱلۡجِبَالَ أَوۡتَادٗا﴾: الجبال
الرواسي خلقها الله سبحانه وتعالى لأجل أن تُثَبِّت الأرض عن الاضطراب، فهي أوتاد
لها مثل أوتاد الخيمة، تثبتها عن الاضطراب والحركة؛ لئلا تميد بهم فلا يستقرون ولا
يبنون عليها.
﴿وَخَلَقۡنَٰكُمۡ أَزۡوَٰجٗا﴾: ولم
نجعلكم صنفًا واحدًا، بل جعلناكم ذكورًا وإناثًا؛ من أجل التزاوج والنسل والسكن،
فلم يجعلكم كلكم رجالاً، ولم يجعلكم كلكم إناثًا، بل جعلكم ذكورًا وإناثًا. وهذا
من حكمة الله سبحانه وتعالى.
وهذا ليس خاصًّا ببني آدم، بل حتى في الحيوانات وفي النباتات، الأزواج عامة من أجل بقاء النوع.