ثم ذَكَر فائدة هذا الماء الثَّجَّاج، فقال: ﴿لِّنُخۡرِجَ بِهِۦ﴾،
أي: لنُنْبِت به من الأرض، ﴿حَبّٗا﴾، للقوت والادخار؛ كالبُر والشعير والذرة...
وسائر الحبوب مما يأكله الناس، ﴿وَنَبَاتٗا﴾، وهو: الخضار والفواكه، والعشب
الذي تأكله الدواب. ﴿وَجَنَّٰتٍ﴾،
أي: بساتين، ﴿أَلۡفَافًا﴾،
ملتفة الأغصان.
فهذا
كله أخرجه الله سبحانه وتعالى من ماء واحد، فانظر إلى العجب العجاب!! الماء واحد،
والتربة واحدة، وتختلف النباتات فيها، وهي متجاورة!! هذا حلو وهذا مُر، وهذا حار
وهذا بارد، وهذا أبيض وهذا أصفر وهذا أحمر، وهي في بقعة واحدة وتُسْقَى بماء واحد؛
كما قال عز وجل: ﴿وَفِي
ٱلۡأَرۡضِ قِطَعٞ مُّتَجَٰوِرَٰتٞ وَجَنَّٰتٞ مِّنۡ أَعۡنَٰبٖ وَزَرۡعٞ وَنَخِيلٞ صِنۡوَانٞ وَغَيۡرُ صِنۡوَانٖ يُسۡقَىٰ بِمَآءٖ وَٰحِدٖ وَنُفَضِّلُ بَعۡضَهَا عَلَىٰ بَعۡضٖ فِي ٱلۡأُكُلِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ﴾ [الرعد: 4].
﴿صِنۡوَانٞ﴾، نخلتان بجذع واحد. مَن الذي قدر على هذا؟ هو
الله سبحانه وتعالى، ألاَّ يقدر على إخراج الأموات من قبورهم؟!
فنحن
نرى الأرض قاحلة يابسة، ليس فيها شيء، ولكن إذا جاء المطر، ما تلبث إلاَّ وقد
أنبتت وازدهرت! مَن الذي أحياها بعد موتها؟ أليس هو الله سبحانه وتعالى ؟ أليس
الذي أحياها بعد موتها قادرًا على أن يحيي الموتى من قبورهم؟
ففي
البعث يَظهر ما في الأرض من الأموات مثل النبات، وهذا من عجائب قدرة الله سبحانه
وتعالى !!
هذه الآيات العظيمة تدل على قدرة الله سبحانه وتعالى التي لا يعجزها شيء، فهي آيات، وبراهين على البعث الذي أنكره هؤلاء المشركون.