×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الثاني

﴿فَقُولَا لَهُۥ قَوۡلٗا لَّيِّنٗا لَّعَلَّهُۥ يَتَذَكَّرُ أَوۡ يَخۡشَىٰ [طه: 44]. أي: خاطباه مباشرة واعرضا عليه عرضًا، لا أمرًا؛ لأنه جبار، فلا تأمر جبارًا، ولكن تَعْرِض عليه عرضًا بلطف. هذه هي الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.

وليست الدعوة إلى الله بالمهاترات والسِّباب والشتم، ويقال: «هذا غَيرة» بل هذا يَزيد الشر ويصد عن قَبول الدعوة.

وقال هنا: ﴿فَقُلۡ هَل لَّكَ إِلَىٰٓ أَن تَزَكَّىٰ، فيَعرض عليه ما يتزكى به، ويُطَهِّر نفسه به.

﴿وَأَهۡدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخۡشَىٰ، أي: أدلك. لأن هداية القلوب لا يملكها إلاَّ الله سبحانه وتعالى، وأما هداية البيان والإرشاد فيملكها الرسول عليه السلام ويملكها العالِم.

﴿وَأَهۡدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخۡشَىٰ، إبطالاً لقوله: ﴿أَنَا۠ رَبُّكُمُ ٱلۡأَعۡلَىٰ، فهو الذي خلقك، وهو الذي يملك أمرك وقادر عليك، والذي أنت في قبضته، فتذكر أنك مخلوق وأنك عبد، وأن لك ربًّا ولست أنت الرب، بل الله هو رب العالمين جل جلاله.

فبَيَّن له أنه ليس برب، وأن الرب هو الله سبحانه وتعالى الذي خلق. ففَرَض عيه أن يترك قوله: ﴿أَنَا۠ رَبُّكُمُ ٱلۡأَعۡلَىٰ، فالله هو ربنا جميعًا، وهو رب العالمين.

فإذا قَبِلتَ الهداية فإنك تخشى من الله، وإنما يتكبر الجاهل الذي لا يعرف الله.

ولما لم ينفع معه هذا العرض اللطيف، عند ذلك عَرَض موسى عليه السلام عليه المعجزات التي معه من الله سبحانه وتعالى.


الشرح