وهذا برهان واضح؛ ولهذا قال الله سبحانه وتعالى:
﴿لَخَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ
وَٱلۡأَرۡضِ أَكۡبَرُ مِنۡ خَلۡقِ ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا
يَعۡلَمُونَ﴾ [غافر: 57].
فيا
مَن تنكرون البعث، أأنتم أشد خلقًا أم السماء أشد خلقًا منكم؟
وتَرَك
سبحانه وتعالى الجواب لهم؛ لأن العاقل سيقول: «إن السماء أشد خلقًا» فيعترف، فيقال
له: إذا كانت السماء أشد خلقًا، وقَدَر الله سبحانه وتعالى عليها، ألاَّ يقدر الله
على إحياء الموتى من باب أولى؟!
فهذا
أحد البراهين على قدرة الله سبحانه وتعالى على البعث.
﴿أَمِ ٱلسَّمَآءُۚ بَنَىٰهَا﴾،
فالسماء مبنية. و في الأصل: اسم لكل ما ارتفع وعلا. وهو ينقسم إلى قسمين: السماء
المبنية، والسماء المطلقة وهي الفضاء وهي كل ما ارتفع.
فالله
بناها بقدرته سبحانه وتعالى، ومشيئته وإرادته، فأوجدها كما أراد سبحانه وتعالى،
سبع طباق، واحدة فوق أخرى، وبين كل سماء وسماء فضاء واسع، وفوق السموات بحر، وفوق
البحر الكرسي، قال عز وجل فيه: ﴿وَسِعَ كُرۡسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۖ﴾
[البقرة: 255]، وفوق الكرسي العرش، والله سبحانه وتعالى فوق العرش. هذه مخلوقات
الله جل جلاله.
قال
عز وجل: ﴿رَفَعَ
سَمۡكَهَا﴾، فالسماء سميكة قوية، ﴿فَسَوَّىٰهَا﴾، أي: لا ترى فيها اعوجاجًا، ولا
فطورًا ولا انشقاقًا، ولا خللاً.
﴿وَأَغۡطَشَ لَيۡلَهَا﴾، جعله مظلمًا يغطي الكون كموج
البحر ظلمة.
﴿وَأَخۡرَجَ ضُحَىٰهَا﴾، أنار الله سبحانه وتعالى النهار. فـ «الضحى» هنا المراد به: النهار، أناره سبحانه وتعالى بالشمس فهي السراج المنير الذي ينتشر في الكون، ويدخل في الأسراب ويدخل في المغارات، فتصبح الدنيا مسفرة لمصالح العباد.