فانظر إلى الشمس تجري وتشرق الكون كله، ولا
تنطفئ، فمَن الذي يوقدها؟ والقمر جعله الله سبحانه وتعالى نورًا في الليل، وجعل
الشمس سراجًا في النهار.
ثم
قال عز وجل: ﴿وَٱلۡأَرۡضَ
بَعۡدَ ذَٰلِكَ﴾، أي: مع ذلك، فـ «بعد» بمعنى «مع» ﴿دَحَىٰهَآ﴾.
وفَسَّر ذلك بقوله سبحانه: ﴿أَخۡرَجَ مِنۡهَا مَآءَهَا وَمَرۡعَىٰهَا﴾،
خَلَقها أولاً قبل السماء، ثم استوى إلى السماء فخلقها كما أراد الله سبحانه
وتعالى، ثم دحا الأرض بعد ذلك كما في سورة «فُصِّلت»، وكل هذا في ستة أيام،
ابتداءً من يوم الأحد، وانتهاءً بيوم الجمعة. ﴿۞قُلۡ أَئِنَّكُمۡ لَتَكۡفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡأَرۡضَ فِي
يَوۡمَيۡنِ وَتَجۡعَلُونَ لَهُۥٓ أَندَادٗاۚ ذَٰلِكَ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٩ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ
مِن فَوۡقِهَا وَبَٰرَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقۡوَٰتَهَا فِيٓ أَرۡبَعَةِ
أَيَّامٖ سَوَآءٗ لِّلسَّآئِلِينَ ١٠ ثُمَّ
ٱسۡتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٞ فَقَالَ لَهَا وَلِلۡأَرۡضِ ٱئۡتِيَا
طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهٗا قَالَتَآ أَتَيۡنَا طَآئِعِينَ ١١ فَقَضَىٰهُنَّ
سَبۡعَ سَمَٰوَاتٖ فِي يَوۡمَيۡنِ وَأَوۡحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمۡرَهَاۚ
وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِمَصَٰبِيحَ وَحِفۡظٗاۚ ذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ
ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ﴾ [فصلت:
9- 12]
ثم
قال عز وجل: ﴿وَٱلۡجِبَالَ
أَرۡسَىٰهَا﴾، لما خَلَق سبحانه وتعالى الأرض وجَعَلها على الماء
والبحار، صارت تموج بأهلها، فخَلَق الله جل جلاله الجبال وجعلها أوتادًا للأرض
تثبتها؛ لئلا تميد وتموج، فأرساها بها.
﴿مَتَٰعٗا لَّكُمۡ﴾، تتمتعون بما فيها من الماء
والمرعى، ﴿وَ
لِأَنۡعَٰمِكُمۡ﴾، أي: وتتمتع أنعامكم التي تركبونها، وتحلبونها
وتأكلون من لحومها، فهي تتمتع من المرعى بالطعام والشراب، خَلَق لأنعامكم - أيضًا
-، هذا من رحمته سبحانه وتعالى.
فالذي خَلَق هذه الموجودات، ورَتَّبها هذا الترتيب، ونَظَّمها هذا التنظيم، وأَمَدَّها بقواها، واستمرت تنتج، ولا يتخلف منها شيء - ألاَّ يَقدر على البعث؟!