و﴿كُوِّرَتۡ﴾، أي: لُفَّتْ كتكوير العمامة، وذهب ضوءها فرُمِي بها.
وفَسَّر ذلك بعضهم بذَهاب ضوئها. وبعضهم فسره بأنها تُرْمَى. ويَجمع هذه التفاسير
ما ذكرناه: أنها تُلف بعضها على بعض، وعند ذلك يذهب ضوءها ثم تُطرح وتُرمى؛ لأنه
قد ذهب وقت الاستفادة منها ([1]).
﴿وَإِذَا ٱلنُّجُومُ﴾،
نجوم السماء، ﴿ٱنكَدَرَتۡ﴾، أي: ذهب ضوءها، وتناثرت وتساقطت من السماء؛ كما في
قوله عز وجل: ﴿وَإِذَا
ٱلۡكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتۡ﴾
[الانفطار: 2]، وتتساقط من شدة الأمر.
﴿وَإِذَا ٱلۡجِبَالُ﴾،
الرواسي التي جعلها الله سبحانه وتعالى أوتادًا للأرض تثبتها، ﴿سُيِّرَتۡ﴾: قُلعت من أماكنها، وصارت هباء، ثم سُيِّرت في الجو مثل
الدُّخَان.
﴿وَإِذَا ٱلۡعِشَارُ عُطِّلَتۡ﴾،
﴿ٱلۡعِشَارُ﴾ جمع: عُشَرَاء، وهي: الناقة الحامل التي كانت نفيسة عند
أهلها. ففي هذا اليوم يذهلون عنها وتُعَطَّل.
﴿وَإِذَا ٱلۡوُحُوشُ﴾،
وهي: الحيوانات المتوحشة التي كانت تهرب من الناس وتعيش في الصحراء. بخلاف
الحيوانات الأهلية التي تعيش مع الناس. فما كان طبيعته أنه يعيش في البَر ولا يألف
الناس يقال له: متوحش، ﴿حُشِرَتۡ﴾ يوم القيامة ليُقتص لبعضها من بعض، ثم يقول الله سبحانه
وتعالى لها: كوني ترابًا.
وقيل: معنى ﴿حُشِرَتۡ﴾، أي: اختلطت بالناس، ففي السابق كانت تتوحش وتهرب من الناس، ومن شدة الهول ذهلت وصارت تخالط الناس، وكأنها تريد الأنس!!
([1])انظر: تفسير الطبري (24/ 238)، وتفسير ابن كثير (8/ 329)، وتفسير القرطبي (19/ 227).