×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الثاني

 ﴿وَإِلَىٰ مَدۡيَنَ أَخَاهُمۡ شُعَيۡبٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥۖ وَلَا تَنقُصُواْ ٱلۡمِكۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَۖ[هود: 84].

والمطففون هم: ﴿ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكۡتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسۡتَوۡفُونَ، أي: استوفَوْا حقهم من الناس بالمكيال.

﴿وَإِذَا كَالُوهُمۡ، أي: كالوا لهم، ﴿أَو وَّزَنُوهُمۡ، أي: وزنوا لهم. وحُذفت اللام ووُصل الفعل بالضمير، وهذا ما يسمى عند أهل البلاغة: «الحذف والإيصال». ﴿يُخۡسِرُونَ، أي: يَنقصون.

فَهُم يوفون الموازين والمكاييل إذا كانت لهم، ويَنقصونها إذا كانت عليهم للناس.

وفي الحديث، أن النبي صلى الله عليه وسلم قَدِم المدينة، وهم من أبخس الناس كيلاً، فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه السورة، فصاروا بعد ذلك أوفى الناس كيلاً. أي: لا يَنقصون الميزان.

ويجب على ولي الأمر أن يجعل رجالاً للحِسبة على البائعين في الأسواق، ويجب أن ينال المجرم جزاءه، ولا يَترك الناس يعبثون بحقوق الآخرين.

هذا في الأشياء المحسوسة، وكذلك في الأشياء المعنوية يجب على الإنسان العدل: إذا مَدَح يعتدل، وإذا ذَمَّ يعتدل، فلا يسرف في المدح ولا يسرف في الذم، بل يعتدل في ذلك ويُنْزِل الناس منازلهم، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أَنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ» ([1]).

فيجب على مَن يَنتقد، أو يَرُد على المقالات أو الكتب أن يعتدل في ذلك، وأن يَذكر ما عند المردود عليه من الحق كما يَذكر ما عنده من الخطأ. أما أن يَجعل كل ما عنده خطأ، فهذا من بخس الناس حقوقهم.


الشرح

 ([1])أخرجه: أبو داود رقم (4842).