وهذا
ما مشى عليه المحققون؛ كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم حينما يَرُدون على
المخالفين؛ لأن هذا هو العدل، وهذا داخل في قوله عز وجل: ﴿وَيۡلٞ لِّلۡمُطَفِّفِينَ ١ ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكۡتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسۡتَوۡفُونَ ٢ وَإِذَا كَالُوهُمۡ أَو وَّزَنُوهُمۡ يُخۡسِرُونَ﴾.
فيجب
الاعتدال في هذه الأمور، وإلا فالإنسان سيُسأل يوم القيامة، فإِنْ سَلِم في الدنيا
فلن يَسْلَم في الآخرة.
ثم
إنه عز وجل توعدهم، فقال: ﴿أَلَا يَظُنُّ أُوْلَٰٓئِكَ أَنَّهُم مَّبۡعُوثُونَ﴾.
﴿أَلَا﴾، كلمة
تنبيه واستفتاح، ﴿يَظُنُّ
أُوْلَٰٓئِكَ﴾ المطففون، ﴿أَنَّهُم مَّبۡعُوثُونَ﴾ من قبورهم؛ للجزاء والحساب، وسيَلْقَوْن ما قَدَّموا.
والمراد
بـ ﴿يَظُنُّ﴾، هنا أي: يَعتقد. لأن الظن يطلق على اليقين أحيانًا،
قال عز وجل: ﴿ٱلَّذِينَ
يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ رَبِّهِمۡ وَأَنَّهُمۡ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ﴾ [البقرة: 46]، أي: يعتقدون ويتيقنون.
وقال
عز وجل: ﴿قَالَ
ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ ٱللَّهِ كَم مِّن فِئَةٖ قَلِيلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةٗ كَثِيرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ﴾
[البقرة: 249]، أي: يعتقدون، يؤمنون.
فقوله
عز وجل: ﴿أَلَا
يَظُنُّ أُوْلَٰٓئِكَ أَنَّهُم مَّبۡعُوثُونَ﴾،
أي: ألاَّ يتيقن هؤلاء ويعتقدون أن هناك بعثًا ونشورًا، وحسابًا وجزاء؟
فالحساب
قادم، والبعث كائن لا محالة، وكُلٌّ سيَلْقَى جزاءه، وفي يوم القيامة يُنْصِف الله
سبحانه وتعالى هؤلاء المظلومين ويَرُد عليهم حقوقهم ممن ظلمهم، من حسنات الظالمين؛
ففي يوم القيامة لا توجد دراهم ودنانير، بل هناك أعمال وحسنات وسيئات.
فهؤلاء
الذين ظلموا الناس في الدنيا سيؤخذ من حسناتهم وتعطى للمظلومين، وربما لا تبقى لهم
حسنة واحدة.