﴿يَوۡمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ
ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾، يقومون من قبورهم. وهذا هو
البعث.
وقيل:
﴿يَوۡمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ
لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾،
أي: في المحشر، يقومون خمسين ألف سنة على أقدامهم، حفاة عراة شاخصة أبصارهم، تدنو
منهم الشمس، ويأخذهم العرق، فمنهم مَن يغطيه العرق، ومنهم مَن يصل إلى أذنيه،
ومنهم مَن يلجمه ([1]).
ثم
بَيَّن ما يَئُول إليه أمر الناس، فقَسَّمهم الله سبحانه وتعالى قسمين: فجارًا،
وأبرارًا.
﴿كَلَّآ إِنَّ كِتَٰبَ ٱلۡفُجَّارِ﴾،
وهم الذين خرجوا عن طاعة الله عز وجل، وفجروا وفسقوا وكفروا. و﴿كِتَٰبَ ٱلۡفُجَّارِ﴾، هو كتاب أعمالهم.
﴿لَفِي سِجِّينٖ﴾،
﴿سِجِّينٖ﴾ على وزن «فِعِّيل»، من السجن، فالمكان الضيق يقال له:
سجن. وسِجِّين شديد الضيق، فهي كلمة مبالغة، أي: لفي مكان ضيق بعد موتهم. وقيل: ﴿سِجِّينٖ﴾ اسم للنار التي تحت الأرض السابعة. وهو مأوى الكفار،
إذا ماتوا تكون أرواحهم مسجونة فيه.
ثم
هَوَّل الله سبحانه وتعالى ﴿سِجِّينٖ﴾ بصفة
مفزعة، فقال عز وجل: ﴿وَمَآ
أَدۡرَىٰكَ مَا سِجِّينٞ﴾،
أي: لا يَعلم هذا المكان وما فيه من الضيق والشرور والنار - إلاَّ الله سبحانه
وتعالى.
﴿كِتَٰبٞ مَّرۡقُومٞ﴾، أي: أن كتاب أعمالهم مكتوب مُدَوَّن محفوظ، لا يَضيع
شيء منه.
وقيل: ﴿مَّرۡقُومٞ﴾، أي: مختوم، فلا يزاد فيه ولا يُنقص ولا يُغَيَّر، فهو كتاب ملازم لصاحبه، قال عز وجل: ﴿وَكُلَّ إِنسَٰنٍ أَلۡزَمۡنَٰهُ طَٰٓئِرَهُۥ فِي عُنُقِهِۦۖ
([1])أخرجه: مسلم رقم (2864).