من
أجل أن يُحْشَر الخَلْق على ظهرها، بعدما يُخْرَجون من بطنها.
﴿وَأَلۡقَتۡ مَا فِيهَا﴾،
أي: أَخرجت ما في بطنها من الأموات والكنوز. ﴿وَتَخَلَّتۡ﴾،
أي: أفرغت ما في بطنها بأمر الله سبحانه وتعالى.
فالله
عز وجل يدعو الأموات، فيستجيبون ويقومون من قبورهم، قال عز وجل: ﴿يَوۡمَ يَدۡعُوكُمۡ
فَتَسۡتَجِيبُونَ بِحَمۡدِهِۦ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا قَلِيلٗا﴾ [الإسراء: 52].
فإذا
دعا سبحانه وتعالى الأموات، خرجوا من قبورهم ولا يتخلف منهم أحد، لا من الأولين
ولا من الآخِرين.
ثم
أعاد الله سبحانه ذلك فقال: ﴿وَأَذِنَتۡ لِرَبِّهَا وَحُقَّتۡ﴾،
أي: سَمِعتْ لأمر الله سبحانه وتعالى واستجابت.
ثم
خاطب سبحانه وتعالى هذا الإنسان الذي خلقه لعبادته وطاعته، ورَزَقه وسَخَّر له ما
في السموات والأرض، فقال سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡإِنسَٰنُ﴾،
أي: جنس الإنسان: المؤمن والكافر. ﴿إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ﴾،
أي: سائر إلى ربك مسرعًا إليه في هذه الحياة. ﴿كَدۡحٗا﴾، أي: سيرًا
حثيثًا. فكل بني الإنسان - المؤمنين والكفار - يسيرون إلى الله عز وجل في هذه
الحياة، ويقطعونها يومًا بعد يوم، وساعة بعد ساعة، وشهرًا بعد شهر، حتى ينقضي
العمر، ويُرَدُّوا إلى الله سبحانه وتعالى في النهاية، ولا يتخلف منهم أحد، لا
المؤمن ولا الكافر، لا العاصي ولا المطيع، قال عز وجل: ﴿هُنَالِكَ تَبۡلُواْ كُلُّ نَفۡسٖ مَّآ أَسۡلَفَتۡۚ وَرُدُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّۖ
وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ﴾
[يونس: 30].
﴿فَمُلَٰقِيهِ﴾، أي: لابد أن تلقى الله سبحانه وتعالى؛ لأن مَن سار على الدرب وصل. ولن تفوت على الله عز وجل، قال عز وجل: ﴿أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّئَِّاتِ أَن يَسۡبِقُونَاۚ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ﴾ [العنكبوت: 4].