ثم
بَيَّن السبب الذي حَمَلهم على تعذيب المؤمنين، فقال عز وجل: ﴿وَمَا نَقَمُواْ مِنۡهُمۡ
إِلَّآ أَن يُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ﴾،
أي: وما نَقَموا منهم شيئًا يعابون به إلاَّ إيمانهم بالله سبحانه وتعالى.
﴿ٱلۡعَزِيزِ﴾،
أي: القوي الغالب الذي لا يُغْلَب سبحانه وتعالى.
وفي
هذا وعيد لهم من الله سبحانه وتعالى، أنهم لن يفوتوا الله ولن يُعجزوه سبحانه
وتعالى في أن ينتقم لعباده المؤمنين منهم.
﴿ٱلۡحَمِيدِ﴾،
المحمود على كل حال، فما يَجري من شيء في هذا الكون من خير أو شر، إلاَّ ويُحْمَد
عليه؛ لأن الله سبحانه وتعالى لم يَخلق الشر لذاته، وإنما خَلَقه، وأوجده لحكمة،
وهي الابتلاء والامتحان به.
فهو
سبحانه وتعالى يُحْمَد على كل حال، على أقداره، وعلى شرعه، وعلى جميع أفعاله
سبحانه وتعالى، فليس هناك شيء في أفعاله لا يُحْمَد عليه.
﴿ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ﴾، فكلهم خَلْقه وعبيده، ومنهم هؤلاء الكفرة والجبابرة،
فلن يخرجوا عن مُلك الله سبحانه وتعالى وقبضته.
﴿وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ﴾،
أي: مُطَّلِع، فهو يشاهد ما يفعله هؤلاء، الكفار بالمؤمنين، فيجازي المؤمنين
بالجنة، ويجازي الكفار بالعقاب.
ثم
إن الله سبحانه وتعالى تَوَعَّدَ هؤلاء الجبابرة، فقال عز وجل: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ
ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ﴾،
أي: عذبوهم. فـ «الفتنة» هي: الاختبار. فهؤلاء الجبابرة اختبروا المؤمنين هل
يرجعون عن دينهم أم لا؟ فلم يرجعوا بل صبروا.
فالمؤمن سيُمتحن وسيُبتلى، قال تعالى: ﴿أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ ٢ وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ﴾ [العنكبوت: 2- 3]، فإِنْ صبر على إيمانه فإنه صادق، وإن ارتد عن دينه فإنه لم يَصدق في إيمانه.