×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الثاني

ففي هذه الآية أَقسم سبحانه وتعالى بالسماء، والمراد: السماء المبنية؛ لأن فيها عجائب ومنافع للناس، وهي سقف الأرض، فالأرض فراش للناس والسماء بناء، فهم ينتفعون بما في الأرض وينتفعون بما في السماء، وهذا من نعم الله سبحانه وتعالى.

﴿وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلطَّارِقُ الأصل أن «الطارق» هو: الذي يأتي بالليل، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن يَطْرُق الرجل أهله بالليل ([1])، بأن يأتي إليهم من سفر ليلاً، وهم لا يدرون ولا يتهيئون لقدومه.

فـ «الطارق» هو: القادم بالليل؛ ولهذا استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من طوارق الليل والنهار، إلاَّ طارقًا يَطْرُق بخير([2]).

والمراد به هنا: ما فسره الله به في قوله: ﴿ٱلنَّجۡمُ ٱلثَّاقِبُ، ففسر الطارق بأنه النجم الثاقب.

وسُمي بالثاقب لأنه يَثْقُب الظلام بنوره، ولأنه يَضرب الجن والشياطين فيحرقهم ويطردهم عن السماء، فلا يسترقون السمع.

وجواب القَسَم هو قوله عز وجل:

﴿إِن كُلُّ نَفۡسٖ لَّمَّا عَلَيۡهَا حَافِظٞ وفي قراءة أخرى: ﴿إن كُلُّ نَفْسٍ لما﴾ بدون تشديد ([3])، فتكون اللام لام القَسَم، و«ما» صلة للتوكيد، والأصل: «إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لعَلَيْهَا حَافِظٌ»، فجيء بـ«ما» للتوكيد.

أما التشديد: ﴿إِن كُلُّ نَفۡسٖ لَّمَّا عَلَيۡهَا حَافِظٞ، فـ ﴿إِن مُخَفَّفة من الثقيلة، وأصلها: «إِنَّ كُلَّ نَفْسٍ»، فخُففت وصارت: ﴿إِن كُلُّ، ولما خُففت أُهملت من العمل، فدخلت اللام على جوابها.


الشرح

 ([1])أخرجه: البخاري رقم (1801)، ومسلم رقم (184) واللفظ له.

 ([2])أخرجه: أحمد رقم (15460)، وأبو يعلى رقم (6844)، والطبراني في «الكبير» رقم (3454).

 ([3])انظر: زاد المَسِير (2/ 404)، وتفسير القرطبي (9/ 106).