ولهذا
يقول ابن مالك في الألفية:
وَخُفِّفَتْ إِنْ فَقَلَّ العَمَلُ ***
وَتَلْزَمُ اللاَّمُ إِذَا مَا تُهْمَلُ ([1])
وفيه
وجه آخر وهو: أن تكون ﴿إِن﴾ نافية، و﴿لَّمَّا﴾ بمعنى
«إلا»: أي ليس هناك نفس إلاَّ عليها حافظ.
﴿إِن كُلُّ نَفۡسٖ﴾،
أي: نفس من بني آدم، ﴿لَّمَّا
عَلَيۡهَا حَافِظٞ﴾ من
الملائكة. وقيل: هو الحافظ الذي يحفظها من الشرور، فالإنسان معه ملائكة يحفظونه من
الشرور؛ كما قال عز وجل: ﴿لَهُۥ مُعَقِّبَٰتٞ مِّنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ يَحۡفَظُونَهُۥ
مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ
يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ وَإِذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ سُوٓءٗا فَلَا مَرَدَّ لَهُۥۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَالٍ﴾ [الرعد: 11]. وكذلك عليه حافظ لأعماله، يحصيها عليه
ويكتبها.
فالإنسان
ليس بمهمل؛ لأن عليه مسئولية، وهو محاسب عن تصرفاته، فالله سبحانه وتعالى وَكَّل
به الحفظة يحفظونه في نفسه من العدوان، ويحفظون أعماله ويحصونها عليه. فإذا أراد
الله سبحانه وتعالى مصيبة لهذا الإنسان، تخلى عنه الملائكة الحفظة الذين يحفظونه
من المضار، وذلك بأمر الله سبحانه وتعالى.
ثم
إنه سبحانه وتعالى لما بَيَّن عنايته بهذا الإنسان وحفظه وحفظ أعماله، لَفَت نظر
الإنسان إلى أصله، من أين جاء؟ ومن أين وُجد؟ وإلى أين ينتهي؟ فلَفَته إلى مَبدئه
ومعاده.
وأكثر الناس غافلون عن هذا، فإنه يأكل ويشرب، ويسرح ويمرح ويلهو، وهو غافل عن هذا، قال عز وجل: ﴿أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَن يُتۡرَكَ سُدًى﴾ [القيامة: 36]، أيَظن أنه مهمل؟
([1])انظر: تفسير الطبري (24/ 353)، وزاد المَسِير (2/ 404)، وتفسير القرطبي (9/ 106).