ألاَ تَرَى إِلَى مَا
نَحْنُ فِيهِ؟! فَيَقُولُ عِيسَى: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ
يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، - وَلَمْ
يَذْكُرْ ذَنْبًا -، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي اذْهَبُوا
إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم !! فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم،
فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَخَاتِمُ الأَنْبِيَاءِ،
وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ
لَنَا إِلَى رَبِّكَ ألاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟! فَأَنْطَلِقُ فَآتِي
تَحْتَ العَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي عز وجل، ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ
عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا، لَمْ يَفْتَحْهُ
عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي. ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ
تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَقُولُ: أُمَّتِي يَا
رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ
أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ البَابِ الأَيْمَنِ
مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ
الأَبْوَابِ. ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ مَا بَيْنَ
المِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الجَنَّةِ، كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ -
أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى- » ([1]).
وهذه
هي الشفاعة العظمى، والمقام المحمود الذي أعطاه الله رسوله صلى الله عليه وسلم،
قال عز وجل: ﴿وَمِنَ
ٱلَّيۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةٗ لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامٗا مَّحۡمُودٗا﴾ [الإسراء: 79]، يحمده عليه
الأولون والآخِرون.
فيجيء الله سبحانه وتعالى للفصل بين عباده. وليس يأتي أمره - كما تقوله المؤولة -، أو تأتي ملائكته! فهذه كلها تأويلات باطلة!! بل يأتي هو سبحانه وتعالى بذاته لفَصْل القضاء بين عباده، ولكنه إتيان ليس كإتيان المخلوقين، بل إنه إتيان يليق بجلال الله سبحانه وتعالى، وهذا من صفات الأفعال لله سبحانه وتعالى.
([1])أخرجه: البخاري رقم (4712)، ومسلم رقم (194).