فـ
﴿ٱلۡبَلَدِ﴾ هو مكة المكرمة، قال عز وجل: ﴿إِنَّمَآ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ رَبَّ هَٰذِهِ ٱلۡبَلۡدَةِ ٱلَّذِي
حَرَّمَهَا وَلَهُۥ كُلُّ شَيۡءٖۖ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ﴾ [النمل: 91].
وأَقسم
الله سبحانه وتعالى به في سورة «التين»، فقال عز وجل: ﴿وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ ١ وَطُورِ
سِينِينَ ٢ وَهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ ٱلۡأَمِينِ﴾
[التين: 1- 3]، وهي مكة - شَرَّفها الله-، فأَقسم الله بها لعظمتها
ومكانتها عند الله وعند خلقه.
﴿وَأَنتَ﴾، أي: وأنت
أيها الرسول، صلى الله عليه وسلم. ﴿حِلُّۢ بِهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ﴾ قيل: حِل من الإحرام. وقيل: أحللناها لك، أو سنُحلها لك.
وفي هذا إشارة إلى فتح مكة في المستقبل، وأن الله سبحانه وتعالى أَذِن له أن يقاتل
فيها ساعة من نهار، ثم عادت حرمتها إلى يوم القيامة.
وقيل:
﴿حِلُّۢ بِهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ﴾، أي: وأنت مقيم في هذا البلد. وذلك لأن إقامته صلى الله
عليه وسلم فيها تشريف لمكة، كما أن المدينة النبوية تشرفت بهجرته وإقامته فيها،
فالمكان يَشْرُف بالساكن فيه، إذا كان هذا الساكن له شـأن عند الله سبحانه وتعالى.
﴿وَوَالِدٖ وَمَا وَلَدَ﴾،
هذا قَسَم آخَر، فأَقسم بالوالد وما ولد. وقيل: المراد بـ «الوالد» هو: آدم، ﴿وَمَا وَلَدَ﴾: ذرية آدم.
وقيل:
المراد بـ «الوالد»: إبراهيم عليه السلام، ﴿وَمَا وَلَدَ﴾
من الأنبياء؛ لأن الأنبياء الذين جاءوا من بعد إبراهيم عليه السلام - كلهم من
ذريته عليه السلام، قال عز وجل: ﴿وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ إِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَجَعَلۡنَا فِي
ذُرِّيَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلۡكِتَٰبَ وَءَاتَيۡنَٰهُ أَجۡرَهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ
وَإِنَّهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ﴾
[العنكبوت: 27].
وقيل: هو عام لكل والد ومولود من المخلوقات؛ لِما في ذلك من العبرة.