وهذا
اختيار ابن جرير رحمه الله، أنه عام في كل والد وفي كل ولد؛ لِما في ذلك من
العبرة.
ثم
ذَكَر سبحانه وتعالى جواب القَسَم، فقال: ﴿لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِي كَبَدٍ﴾.
فاللام
واقعة في جواب القسم، و«قد» حرف تحقيق، و﴿خَلَقۡنَا﴾، أي:
أوجدنا. ﴿ٱلۡإِنسَٰنَ﴾ جنس الإنسان من بني آدم.
﴿فِي كَبَدٍ﴾ قيل: في اعتدال وتناسب أعضاء. وهذا من عجائب خلق الله عز
وجل، فالإنسان أعجب المخلوقات في استقامة جسمه واعتدال أعضائه وحواسه وعقله، وهذا
يدل على قدرة الله سبحانه وتعالى الذي خَلَقه.
وقيل:
﴿فِي كَبَدٍ﴾، أي: في مشقة، فالإنسان لا يَزال في مشقة ويكابد المشاق
منذ وُلد إلى أن يموت، فهو في مشاق في الحياة الدنيا، وما يقاسيه في هذه الحياة
فهو كبد، وكذلك إذا كان مشركًا، أو كافرًا - والعياذ بالله - فهو في كبد دائم ([1]).
﴿أَيَحۡسَبُ﴾
هذا الإنسان، ﴿أَن
لَّن يَقۡدِرَ عَلَيۡهِ أَحَدٞ﴾، أي: أيحسب أنه متروك وأن أحدًا لا يغلبه؟! فهو مُعْجَب
بنفسه ومتمادٍ في غيه، وكأنه غير مسئول وغير مُحاسَب عن تصرفاته؟!
لا،
بل إنه تحت قدرة الله سبحانه وتعالى وتصرفه، فقد يُسلِّط الله عليه من المخلوقات
مَن هو أقوى منه!!
فلا يُعْجَب الإنسان بحاله ويتكبر على الله سبحانه وتعالى وعلى خلقه، بل يجب عليه أن يتواضع.
([1])انظر: تفسير الطبري (24/ 434-435)، وزاد المَسِير (4/ 447)، وتفسير ابن كثير (8/ 392-393).