×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الثاني

ثم إن الإنسان يتأسف على ما أنفق من المال، ﴿يَقُولُ أَهۡلَكۡتُ مَالٗا، أي: أنفقتُ مالاً، ﴿لُّبَدًا، أي كثيرًا!! فيتأسف على ما أنفق ويتحسر.

ولم يَعلم بأن المال ابتلاء من الله سبحانه وتعالى، هل يُحْسِن فيه أم لا يُحْسِن؟ وسيُحاسَب عن هذا المال، مِن أين اكتسبه؟ وفيمَ أنفقه؟

عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلاَهُ» ([1]).

فالعبد يحاسب عن ذلك، والله قادر عليه سبحانه وتعالى، فلا يحسبن أنه مهمل وأنه يفعل ويتصرف في هذا المال ما شاء من شهواته وتصرفاته، فالمال مال الله سبحانه وتعالى، وقد أعطاك الله سبحانه وتعالى إياه ليبتليك ويختبرك ماذا تصنع به.

﴿أَيَحۡسَبُ أَن لَّمۡ يَرَهُۥٓ أَحَدٌ، أيحسب أنه يفعل ما يشاء ولا يراه أحد؟ لا، بل يراه الله سبحانه وتعالى ولا يغيب عن الله، ففي أي مكان هو تحت رؤية الله له.

فينبغي له أن يُحْسِن في ماله، ويراقب الله سبحانه وتعالى لأنه يراه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» ([2]).

فالله سبحانه وتعالى يراك في أي مكان ولا تخفى عليه، سواء أكنت وحدك أم مع الناس، أو أكنت في ظلمة أو في ضياء، فالله سبحانه وتعالى يراك في جميع أحوالك، فإن اختفيت عن الناس واستترت عنهم فإنك لا تستتر عن الله سبحانه وتعالى، فراقِب الله عز وجل في مالك وفي تصرفاتك.


الشرح

 ([1])أخرجه: الترمذي رقم (2417)، والدارمي رقم (554)، وأبو يعلى رقم (5271).

 ([2])أخرجه: البخاري رقم (50)، ومسلم رقم (8).