ثم
أعاد سبحانه وتعالى تذكير الإنسان بما مَنَّ الله عز وجل عليه في خلقته وفي جسمه،
فقال عز وجل: ﴿أَلَمۡ
نَجۡعَل لَّهُۥ عَيۡنَيۡنِ﴾،
يُبْصِر بهما ويرى؟ فنعمة البصر من أكبر نعم الله سبحانه وتعالى، واعتبِروا هذا في
الأعمى، ماذا يكون حاله؟ فالبصر من أكبر نعم الله عليه.
فيجب
عليه أن يستفيد منهما أكثر من أن يكون نظره للمعيشة أو ترفًا بالنظر في المخلوقات
وفي الجبال والأرض والسماء؛ بل يَنظر للاعتبار وللاستدلال على قدرة الله سبحانه
وتعالى.
وجواب
قوله سبحانه وتعالى: ﴿أَلَمۡ
نَجۡعَل﴾، هو: بلى، قد جعلنا له
عينين. فهذا تقرير وليس استفهامًا.
﴿وَلِسَانٗا﴾،
ينطق به ويُبيِّن به عما في نفسه من الحاجات.
فاللسان
من أعظم نعم الله سبحانه وتعالى على العبد، ينطق به ويتكلم في حوائجه وأموره،
وأعظم ذلك أنه ينطق بذكر الله سبحانه وتعالى، ويتلو القرآن، ويأمر بالمعروف وينهى
عن المنكر، ويدعو إلى الله سبحانه وتعالى بهذا اللسان الذي أعطاه الله إياه.
﴿وَشَفَتَيۡنِ﴾،
يستران فمه وأسنانه، وأيضًا: يُعِينان اللسان على النطق. واعتبِروا هذا بمن أصيب
في شفتيه، ماذا يكون نطقه، وماذا تكون صورته إذا انكشف فمه وأسنانه؟ فالشفتان
فيهما جمال ونفع عظيم.
﴿وَهَدَيۡنَٰهُ ٱلنَّجۡدَيۡنِ﴾،
تثنية «نَجْد»، وهو: المرتفع من الأرض، فيسمى نجدًا. والمنخفض من الأرض يسمى
تِهامًا.
أي: دللناه على طريق الخير والشر، فبَيَّنَّا له طريق الخير ليسلكه، وبَيَّنَّا له طريق الشر ليجتنبه، ولم نجعل الأمر ملتبسًا عليه. فالله سبحانه وتعالى بَيَّن