الحق
من الباطل، والهدى من الضلال، والضار من النافع، فالهداية هنا هداية الدلالة
والإرشاد
وهذا
من نعم الله سبحانه وتعالى علينا، أن الله عز وجل بَيَّن لنا طريق الخير وطريق
الشر.
وقيل:
دللنا الطفل على ثدي أمه، فالطفل أول ما يولد يبحث عن الثدي؛ لأن الله سبحانه
وتعالى دله عليه وألهمه ذلك، وهذا داخل في معنى الآية بلا شك.
أفلا
يَستعمل هذه النعم فيما ينفعه؟
﴿فَلَا ٱقۡتَحَمَ ٱلۡعَقَبَةَ﴾،
أي: أنه بعد ما أَنعم الله سبحانه وتعالى عليه هذه النعم العظيمة، ومَكَّنه من
التصرف، وبَيَّن له طريق الخير وطريق الشر، اقتحم، أي: صَعِد العقبة، و﴿ٱلۡعَقَبَةَ﴾ هي: الطريق المرتفع في الجبل.
وذلك
أن فعل الخير يحتاج صعودًا ويحتاج إلى صبر، والجنة عالية تحتاج إلى صعود وإلى صبر.
وأما النار - والعياذ بالله - فهي سافلة، ينحدر إليها الإنسان، والصعود فيه مشقة.
فكذلك
أعمال الجنة، فيها مشقة على النفس وتحتاج إلى صبر. وأما النار، فإنه ينحدر ويتبع
رغباته وشهواته وهواه، وتنحدر به إلى النار، والانحطاط أسهل عليه من الصعود؛ ولهذا
سَمَّى الله سبحانه وتعالى فعل الخير عقبة، أي: طريقًا صاعدًا يحتاج صبرًا وعزيمة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ» ([1]).
([1])أخرجه: البخاري رقم (6487)، ومسلم رقم (2822).