في
النهار لمعاشهم ومصالحهم. وهما من أعظم نعم الله سبحانه وتعالى على عباده! فلم
يَجعل سبحانه وتعالى الليل دائمًا، ولم يجعل النهار دائمًا، وإنما جعلهما يتعاقبان
على العباد لمصالحهم، فالنهار لحركاتهم ومعاشهم، والليل لهدوئهم وراحتهم، وفي
الليل مزية للصلاة والعبادة والتهجد أكثر من غيره.
وجواب
القَسَم هو قوله عز وجل: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾،
وفي قراءة أخرى: «ما وَدَعَكَ»، أي: ما تركك.
وذلك
لأن الوحي فتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يأته جبريل عليه السلام، فضاق
صدر النبي صلى الله عليه وسلم من انقطاع الوحي، وتَكلم بعض الناس وقالوا: «إن رب
محمد قد جفاه»، حتى قال بعضهم: «ما نرى شيطانك إلاَّ قد جفاك»، فهم يصفون ما يأتي
إلى النبي صلى الله عليه وسلم من الوحي بأنه من الشيطان.
فضاق
صدر النبي صلى الله عليه وسلم، لا شكًّا في ربه سبحانه وتعالى، وإنما لكلام الناس
في ذلك، فالله جل جلاله أَقَرَّ عينه وقال: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ﴾،
كما يقولون، ﴿وَمَا
قَلَىٰ﴾، أي: ما أبغضك.
وهذا
نَفْي لما قالوه في حق النبي صلى الله عليه وسلم، فما تركك ولا أبغضك! بل هو يوالي
من نعمه عليك!!
ثم بَيَّن له أن ما عند الله سبحانه وتعالى له خير مما في الدنيا، وأن ما عند الله سبحانه وتعالى خير وأبقى، فقال عز وجل: ﴿وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ﴾، ما أَعَد الله له في الجنة خير له مما أعطاه في الدنيا؛ لذلك لم يَبسط سبحانه وتعالى عليه الدنيا كما يبسطها على الملوك والرؤساء؛ لكرامته على الله سبحانه وتعالى؛ لأن الدنيا زائلة وخداعة، والآخرة باقية.