ثم قال عز وجل: ﴿وَلَسَوۡفَ يُعۡطِيكَ
رَبُّكَ﴾، أي في الآخرة، ﴿فَتَرۡضَىٰٓ﴾، عن الله
سبحانه وتعالى، وكذلك يعطيك في الدنيا!!
وقد
صَدَق الله سبحانه وتعالى وعده، فنَصَر عبده ورسوله، وهَيَّأ له الأنصار الذين أحاطوا
به ونصروه، ونشروا دينه في مشارق الأرض ومغاربها. فهذا مما أعطاه الله سبحانه
وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم.
وأعطاه
من المعجزات ما لم يعطه غيرَه، وأعظم معجزة هي القرآن الكريم، فهو المعجزة الخالدة
الباقية، والتي تحدى بها الله سبحانه وتعالى الإنس والجن أن يأتوا بمثلها أو بعشر
سور أو بسورة واحدة، فعجزوا عن ذلك كله، وهذا أكبر آية دالة على رسالته صلى الله
عليه وسلم وصِدق نبوته.
ثم إنه سبحانه وتعالى عَدَّد نعمه عليه مُقَرِّرًا هذا الوعد الكريم، فقال عز وجل: ﴿وَلَسَوۡفَ يُعۡطِيكَ رَبُّكَ فَتَرۡضَىٰٓ ٥ أَلَمۡ يَجِدۡكَ يَتِيمٗا فََٔاوَىٰ ٦ وَوَجَدَكَ ضَآلّٗا فَهَدَىٰ ٧ وَوَجَدَكَ عَآئِلٗا فَأَغۡنَىٰ﴾، فهذه نِعم من الله سبحانه وتعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم، فالذي أعطاك هذه النعم سيعطيك أَجَلّ وأعظم منها. ﴿أَلَمۡ يَجِدۡكَ يَتِيمٗا فََٔاوَىٰ﴾؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتيمًا، مات أبوه وهو في بطن أمه، وماتت أمه وهو في السادسة من عمره صلى الله عليه وسلم، فبقي صلى الله عليه وسلم بدون أم ولا أب، فكفله جده عبد المطلب، ولما حضرته الوفاة عَهِد به إلى عمه أبي طالب. فكفله أبو طالب، وهو صلى الله عليه وسلم صغير، وأَيَّده وناصره بعد البعثة، وحماه من أذى قومه! وهذا من تسخير الله سبحانه وتعالى له، وإلا فإن أبا طالب كافر مشرك، ولكن الله سبحانه وتعالى عطفه على هذا اليتيم وعطفه على هذا الرسول صلى الله عليه وسلم لما بعثه، فحمى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حماية تامة، فلم يستطيعوا الوصول إلى الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لحماية الله سبحانه وتعالى له وتسخيره سبحانه وتعالى أبا طالب.