وكان
رجلاً شريفًا مهابًا مطاعًا في قومه، جعله الله سبحانه وتعالى وقاية للرسول صلى
الله عليه وسلم من أذاهم.
قال
عز وجل: ﴿وَوَجَدَكَ
ضَآلّٗا فَهَدَىٰ﴾، أي: لا
تَعرف شيئًا من الوحي. قال عز وجل: ﴿وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحٗا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ مَا كُنتَ
تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ﴾
[الشورى: 52].
وليس
المراد بالضلال: ضلال الكفر. وإنما المراد بالضلال: الجهل بالشرع والوحي.
قال
عز وجل: ﴿وَمَا
كُنتَ تَتۡلُواْ مِن قَبۡلِهِۦ مِن كِتَٰبٖ وَلَا تَخُطُّهُۥ بِيَمِينِكَۖ إِذٗا لَّٱرۡتَابَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ﴾
[العنكبوت: 48]، وقال عز وجل: ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمۡ تَكُن تَعۡلَمُۚ وَكَانَ فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكَ
عَظِيمٗا﴾ [النساء: 113]. فالله
سبحانه وتعالى هو الذي عَلَّم رسوله صلى الله عليه وسلم، وهداه من الحَيرة،
وبَصَّره طريق الحق، وهذه أكبر نعمة ومِنَّة.
قال
عز وجل: ﴿وَوَجَدَكَ
عَآئِلٗا فَأَغۡنَى﴾، «العائل»
هو: الفقير، و«العَيْلة» هي: الفقر. فرسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان عنده شيء،
فأغناه الله سبحانه وتعالى بما فتح عليه من الفتوحات وأفَاءَ عليه من الأموال،
التي صَرَفها صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله عز وجل وفي مصالح المسلمين،
ومكنه بذلك.
فالمال
عصب الحياة، وقد أعطى الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ما يُعِينه على حَمْل
هذه الرسالة وتبليغها للناس والإنفاق في سبيل الله. وكان صلى الله عليه وسلم
عائلاً لا يملك شيئًا، فأتته الغنائم، وكانت عونًا له على طاعة الله سبحانه وتعالى،
وتمكينًا له في الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله.
ثم إن الله سبحانه وتعالى نهاه عن أن ينسى هذه النعم، ولا يعطف على الأيتام ولا السائلين، فقال عز وجل: ﴿فَأَمَّا ٱلۡيَتِيمَ فَلَا تَقۡهَرۡ﴾، فكما كنت يتيمًا، وأَحْسَن الله سبحانه وتعالى إليك وأَنْعَم عليك، فاعطف على يتامى الناس.