ولهذا
لما خاطب الله سبحانه وتعالى نبيه موسى عليه السلام، حين كلمه وأرسله إلى فرعون،
قال موسى عليه السلام: ﴿قَالَ
رَبِّ ٱشۡرَحۡ لِي صَدۡرِي﴾
[طه: 25]، فأول ما دعا به ربه عند تحمل الرسالة: ﴿قَالَ رَبِّ ٱشۡرَحۡ لِي صَدۡرِي ٢٥ وَيَسِّرۡ لِيٓ أَمۡرِي ٢٦ وَٱحۡلُلۡ عُقۡدَةٗ مِّن لِّسَانِي ٢٧ يَفۡقَهُواْ قَوۡلِي﴾ [طه: 25- 28].
والإنسان
بحاجة إلى من يساعده، وأحسن مَن يساعدك هو قريبك، ﴿وَٱجۡعَل لِّي وَزِيرٗا مِّنۡ أَهۡلِي ٢٩ هَٰرُونَ أَخِي ٣٠ ٱشۡدُدۡ بِهِۦٓ أَزۡرِي ٣١ وَأَشۡرِكۡهُ فِيٓ أَمۡرِي ٣٢ كَيۡ نُسَبِّحَكَ كَثِيرٗا ٣٣ وَنَذۡكُرَكَ
كَثِيرًا ٣٤ إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرٗا﴾ [طه: 29- 35].
فاستجاب
الله سبحانه وتعالى له وتَقَبَّلَ دعاءه، قال عز وجل: ﴿قَالَ قَدۡ أُوتِيتَ سُؤۡلَكَ يَٰمُوسَىٰ﴾
[طه: 36].
فالحاصل:
أن أول ما دعا به موسى عليه السلام هو قوله: ﴿رَبِّ ٱشۡرَحۡ لِي صَدۡرِي﴾
لأجل أن يتحمل هذا الحِمل الثقيل، ولأجل أن يواجه فرعون لأن فرعون طاغٍ وجبار، فلا
يَضيق صدره عليه السلام إذا قابل فرعون بما يقابله، بل يتسع صدره.
والله
سبحانه وتعالى قد مَنَّ على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال عز وجل: ﴿أَلَمۡ نَشۡرَحۡ لَكَ
صَدۡرَكَ﴾. ثم قال سبحانه: ﴿وَوَضَعۡنَا عَنكَ وِزۡرَكَ﴾، قد غَفَر له الله سبحانه وتعالى ما تقدم من ذنبه وما
تأخر، قال عز وجل: ﴿لِّيَغۡفِرَ
لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنۢبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعۡمَتَهُۥ
عَلَيۡكَ وَيَهۡدِيَكَ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا﴾
[الفتح: 2].
وقوله
سبحانه: ﴿ٱلَّذِيٓ
أَنقَضَ ظَهۡرَكَ﴾، أي:
أثقلك. والله سبحانه وتعالى وضعه عنك، وغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، وأتم
نعمته عليك.
ثم قال عز وجل: ﴿وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ﴾، رَفَع الله سبحانه وتعالى ذكر هذا الرسول صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، فلا يُذْكَر الله سبحانه وتعالى إلاَّ ويُذْكَر معه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا من رفعه ذكره.