فسألته
عما حدث له، فقال لها صلى الله عليه وسلم: «قَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي»،
ثم ذَكَر لها ما جرى له.
فطمأنته
رضي الله عنها، وقالت له: «كَلاَّ، أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ
أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ،
وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ».
فاستدلت
رضي الله عنها بصفاته صلى الله عليه وسلم الكريمة - على أن الله سبحانه وتعالى
سيكرمه، وما هذا الذي حصل إلاَّ من كرامته على الله سبحانه وتعالى، وطمأنته بذلك
رضي الله عنها.
ثم
ذهبت رضي الله عنها به صلى الله عليه وسلم إلى ابن عمها - ورقة بن نوفل -، وكان قد
تَنَصَّر في الجاهلية، وقرأ الكتب وعَرَف التوراة والإنجيل، وعَرَف نبوءات
الأنبياء، فقالت له خديجة رضي الله عنها: «أَيِ ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ
أَخِيكَ»، فَقَالَ وَرَقَةُ: «ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى؟»، فقرأ عليه الآيات التي
سمعها من المَلَك، فلما سمعها ورقة قال له: «هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ
عَلَى مُوسَى!!»: «النَّامُوسُ» أي: الرسول، وهو جبريل عليه السلام.
فاطمأن
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذهب عنه الرَّوع، ثم تواصل عليه الوحي بعد ذلك ([1]).
فقوله
تعالى: ﴿ٱقۡرَأۡ﴾، أَمْر بالقراءة. فلا يمكن أن يتعلم الإنسان وهو لم
يقرأ، فيقرأ كتاب الله سبحانه وتعالى وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقرأ
الفقه في دين الله - فقه العقيدة، وفقه العبادة، وفقه المعاملات - فلا أحد يأتيه
العلم بدون قراءة.
﴿بِٱسۡمِ رَبِّكَ﴾
أي: مستعينًا باسم الله سبحانه وتعالى على القراءة.
وقوله: ﴿رَبِّكَ﴾ طُمأنينة له صلى الله عليه وسلم بأن ربه سبحانه وتعالى سيعتني به.
([1])أخرجه: البخاري رقم (3)، ومسلم رقم (160).