فقال
عز وجل: ﴿إِنَّآ
أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةٖ مُّبَٰرَكَةٍۚ﴾،
ولم يُبِّين هذه الليلة، أما في هذه السورة - سورة القَدْر - فبَيَّنها سبحانه
وتعالى أنها ليلة القدر.
وقال
عز وجل: ﴿شَهۡرُ
رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ﴾
[البقرة: 185]؛ وذلك لأن ليلة القدر من رمضان.
فإذًا
يكون القرآن قد أنزله الله سبحانه وتعالى في ليلة القدر، من رمضان.
وسُميت
«ليلة القدر» لأنها ذات قدر عظيم.
ولأنه
يُقَدَّر فيها أعمال السَّنة من حياة وموت، وصحة ومرض.
وهذا
التقدير تقدير خاص حَوْلي، وهو مأخوذ من التقدير العام المكتوب في اللوح المحفوظ.
كما
أن هناك تقديرًا عُمريًّا، وهو ما يُقَدَّر ويُكتب على الجنين، وهو في بطن أمه،
حين يُرْسَل إليه المَلَك، فيَنفخ فيه الرُّوح ويَكتب رزقه وعمله وأجله وشقي أو
سعيد ([1])،
وهذا تقدير عمري.
وهناك
تقدير اليوم، فكل يوم يُقَدر ما يجري فيه؛ كما في قوله سبحانه وتعالى: ﴿يَسَۡٔلُهُۥ مَن فِي
ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ كُلَّ يَوۡمٍ هُوَ فِي شَأۡنٖ﴾
[الرحمن: 29]، يميت ويُحيي، ويَخلق ويرزق، ويُدَبِّر ما يجري في هذا اليوم،
وكل هذه التقديرات ترجع إلى التقدير السابق، وهو التقدير العام المكتوب في اللوح
المحفوظ.
والقرآن - كما هو معلوم - نَزَل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مُنَجَّمًا بحَسَب الوقائع والحوادث، منذ أن بعثه الله سبحانه وتعالى إلى أن توفاه، طيلة مدة الرسالة التي عاشها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي ثلاث وعِشرون سنة: ثلاث عَشْرة في مكة،
([1])أخرجه: البخاري رقم (3332)، ومسلم رقم (2643).