وذلك على حَسَب أعمالهم،
قال عز وجل: ﴿فَأَمَّا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَهُمۡ فِي رَوۡضَةٖ يُحۡبَرُونَ ١٥ وَأَمَّا
ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِنَا وَلِقَآيِٕ ٱلۡأٓخِرَةِ
فَأُوْلَٰٓئِكَ فِي ٱلۡعَذَابِ مُحۡضَرُونَ﴾
[الروم: 15- 16].
وكما
قال عز وجل: ﴿وَتُنذِرَ
يَوۡمَ ٱلۡجَمۡعِ لَا رَيۡبَ فِيهِۚ فَرِيقٞ فِي ٱلۡجَنَّةِ وَفَرِيقٞ فِي
ٱلسَّعِيرِ﴾ [الشورى: 7].
﴿أَشۡتَاتٗا﴾،
أي: متفرقين؛ ﴿لِّيُرَوۡاْ
أَعۡمَٰلَهُمۡ﴾، وفي قراءة أخرى: «ليَروا»
مبني للمعلوم، والمعنى واحد. فكُلٌّ يَرى ما قَدَّم من خير أو شر، وليس بإمكانه أن
يُبَدِّل أو يُغَيِّر، أو يتراجع أو يتوب، أو يَستكثر من الأعمال الصالحة أو يتوب
من الأعمال السيئة.
ثم
إنه عز وجل فَصَّل ذلك فقال: ﴿فَمَن يَعۡمَلۡ﴾،
أي: فمَن يعمل في الدنيا، ﴿مِثۡقَالَ﴾، أي: وزن،
﴿ذَرَّةٍ﴾، وهي: النملة الصغيرة. وقيل: هي الهباءة في الهواء عند
إشعاع الشمس. و«الذَّرَّة»، هي أصغر شيء، فالعمل لا يُهْمَل ولو كان قليلاً، سواء
كان خيرًا أو شرًّا.
قال
عز وجل: ﴿إِنَّ
ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةٗ يُضَٰعِفۡهَا وَيُؤۡتِ مِن لَّدُنۡهُ أَجۡرًا عَظِيمٗا﴾ [النساء: 40]، فالأعمال
مضبوطة خيرها وشرها، لا تَضيع ولا تُنْسَى، يجدها صاحبها يوم القيامة.
﴿خَيۡرٗا﴾، أي: عملاً صالحًا، ﴿يَرَهُۥ﴾، ففي هذا اليوم يَطَّلِع على عمله، قال عز وجل: ﴿وَكُلَّ إِنسَٰنٍ أَلۡزَمۡنَٰهُ طَٰٓئِرَهُۥ فِي عُنُقِهِۦۖ وَنُخۡرِجُ لَهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ كِتَٰبٗا يَلۡقَىٰهُ مَنشُورًا ١٣ ٱقۡرَأۡ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفۡسِكَ ٱلۡيَوۡمَ عَلَيۡكَ حَسِيبٗا﴾ [الإسراء: 13- 14]، فيَرى ما عَمِل، وإن ستره في هذه الدنيا أو أخفاه أو استصغره، فإنه يواجهه يوم القيامة ويراه، فإن كان خيرًا فإنه يُسَر ويفرح به ولو كان قليلاً، وقد ينجيه الله من النار بهذا القليل.