﴿فَوَسَطۡنَ بِهِۦ﴾، أي: توسطن بالراكب عليهن، ﴿جَمۡعًا﴾، أي:
جَمْع العَدُو، وجوف المعركة وقَلْبها.
والآيات
السابقة كلها أقسام، أَقسم الله سبحانه وتعالى بالخيل وصفاتها؛ لِما فيها من
العِبر والآيات والنعمة على عباد الله سبحانه وتعالى.
عن
عُرْوة بن الجَعْد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الخَيْلُ
مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ: الأَجْرُ
وَالمَغْنَمُ» ([1]).
وجواب
القَسَم: ﴿إِنَّ
ٱلۡإِنسَٰنَ﴾، أي: الكافر، ﴿لِرَبِّهِۦ لَكَنُودٞ﴾، أي: يجحد نعمة الله، ويمنع ما أوجب الله عليه من
الحقوق ويبخل بذلك.
﴿وَإِنَّهُۥ عَلَىٰ ذَٰلِكَ﴾،
أي: على هذه الصفة القبيحة، ﴿لَشَهِيدٞ﴾، أي: يشهد
على نفسه ويصرح بذلك.
وقيل:
إن الضمير في قوله عز وجل: ﴿وَإِنَّهُۥ﴾
يرجع إلى الله سبحانه وتعالى، أي: أن الله جل جلاله شهيد على هذا الإنسان.
فضمير
الغائب في قوله عز وجل: ﴿وَإِنَّهُۥ﴾ يحتمل رجوعه إلى الإنسان، وهذا هو الظاهر. ويحتمل رجوعه
إلى الله.
ثم
قال جل جلاله: ﴿وَإِنَّهُۥ
لِحُبِّ ٱلۡخَيۡرِ لَشَدِيدٌ﴾،
أي: المال؛ كما في قوله عز وجل: ﴿كُتِبَ عَلَيۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ إِن تَرَكَ
خَيۡرًا ٱلۡوَصِيَّةُ لِلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَ بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ﴾ [البقرة: 180]، أي: تَرَك مالاً كثيرًا، وكما قال عز وجل:
﴿وَتُحِبُّونَ ٱلۡمَالَ
حُبّٗا جَمّٗا﴾ [الفجر: 20].
وذلك غريزة في الإنسان، والكافر يحمله حب المال على أن يبخل وأن يجحد ما أوجب الله فيه. وأما المؤمن فتجود نفسه بالصدقات
([1])أخرجه: البخاري رقم (2850)، ومسلم رقم (1871).