فهذه
السورة على وجازتها فيها آيات بينات. وفيها تنبيه. وفيها بيان لِما تَئُول إليه
هذه الدنيا من الفناء والزوال، وبيان لحال الآخرة وما يكون. وفيها: بيان لمصير
الناس يوم القيامة، فهم لا يَخرجون عن هذا المصير: منهم مَن يكون ممن ثقلت
موازينه، ومنهم مَن يكون ممن خفت موازينه. وتَثْقُل الموازين أو تَخِفّ بالأعمال،
والأعمال محلها في هذه الدنيا.
فأنت
الآن في محل العمل، ويمكنك أن تتوب من السيئات وأن تُكثر من الحسنات؛ فالله سبحانه
وتعالى أعطاك القوة، ومَكَّنك من العمل الصالح، وفَتَح لك باب التوبة فتب إلى
الله، والله سبحانه وتعالى يَقبل توبتك ويمحو سيئاتك ويبدلها حسنات.
فينبغي
التنبه ولا تُضيع نفسك ولا تغامر، ولا تغفل عن ذلك ما دمت في زمن الإمكان.
واعلم
بأن الصحة لا تدوم، وكذلك الفراغ والقوة، فبادِر ما دمت متمكنًا قبل فوات الأوان،
وخذ من صحتك لمرضك، وخذ من حياتك لموتك!
عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ
وَهُوَ يَعِظُهُ: «اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ
هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاءَكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ
قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ» ([1]).
وصَلَّى الله وسَلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه.
*****
([1])أخرجه: الحاكم في مستدركه رقم (7846)، والبيهقي في شعب الإيمان رقم (9767).
الصفحة 4 / 524