ثم
إنه سبحانه وتعالى بَيَّن حال الناس في هذا اليوم الهائل بحَسَب أعمالهم، فتُنصب
الموازين وتوزن فيها الأعمال، وذلك لكل عبد، توضع الحسنات في كِفة، والسيئات في
كِفة، كما توزن الأموال والأثقال في الدنيا؛ لأن ذلك اليوم يوم عدل، لا ظُلْم فيه،
ولا يَضيع لأحد شيء مهما قَلَّ أو صَغُر، سواء من خير أو شر.
﴿فَأَمَّا مَن ثَقُلَتۡ مَوَٰزِينُهُۥ﴾،
أي: رجحت حسناته بسيئاته ﴿فَهُوَ فِي عِيشَةٖ رَّاضِيَةٖ﴾،
يكون عيشه هنيئًا صافيًا سارًّا. و﴿رَّاضِيَةٖ﴾،
بمعنى مَرْضِية، أي: يَرضى عن أعماله ويُسَر ويَفرح بها.
فلا
تُعَلِّق أملك على أصدقائك وأقاربك، ففي الآخرة ليس هناك إلاَّ حسناتك أو سيئاتك،
فلا تلتفت إلى أحد، وليس لك طمع في أن أحدًا سيساعدك.
﴿وَأَمَّا مَنۡ خَفَّتۡ مَوَٰزِينُهُۥ﴾،
أي: رجحت سيئاته بحسناته، ﴿فَأُمُّهُۥ﴾:
أُم رأسه، وهي دماغه، ﴿هَاوِيَةٞ﴾ أي: أنه يَهْوِي على رأسه في جهنم تعذيبًا له. وقيل:
المراد أن مأواه النار التي ليس له مأوى غيرها. أي: كما يأوي الإنسان إلى أمه في
هذه الدنيا.
ثم
قال عز وجل: ﴿وَمَآ
أَدۡرَىٰكَ مَا هِيَهۡ﴾،
تهويل لشأنها. ﴿نَارٌ
حَامِيَةُۢ﴾.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِي يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا، مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ» قَالُوا: وَاللهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً، يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا، كُلُّهَا مِثْلُ حَرِّهَا» ([1]).
([1])أخرجه: البخاري رقم (3265)، ومسلم رقم (2843).