إلى
أن وصل إلى مكة، إلى المُغَمَّس، قرب الحرم، وعسكر فيه بقواته وفيله العظيم،
حينئذٍ لجأ أهل مكة ومَن حولهم إلى الجبال؛ لأنهم ليس لهم حيلة تجاه هذا الجيش
الغاشم، ولم يَبْقَ إلاَّ أن يباشر هدم الكعبة المشرفة كما يزعم.
وأغار
جيش أبرهة على سرح أهل مكة فأخذوه، وكان في السرح مِائتا بعير لعبد المطلب، جَدّ
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد
بَعَث أبرهةُ حناطةَ الحِمْيَري إلى مكة، وأَمَره أن يأتيه بأشراف قريش، وأن
يخبرهم بأن المَلِك لم يجئ لقتالكم إلاَّ أن تصدوه عن البيت!
فجاء
حناطة إلى عبد المطلب بن هاشم، وبَلَّغه عن أبرهة ما قال.
فقال
له عبد المطلب: «والله ما نريد حربه، وما لنا بذلك من طاقة، هذا بيت الله الحرام
وبيت خليله إبراهيم، فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه، وإن يُخَلِّ بينه وبينه فوالله
ما عندنا دفع عنه».
فقال
له حناطة: فاذهب معي إليه.
فذهب
معه، فلما رآه أبرهة أَجَلّه، وكان عبد المطلب رجلاً جسيمًا حسن المظهر، ونزل
أبرهة عن سريره وجلس معه على البساط، وقال لترجمانه: قل له: «ما حاجتك؟».
فقال
للترجمان: «إن حاجتي أن يَرُد عليّ الملك مِائتي بعير أصابها لي».
فقال أبرهة لترجمانه: قل له: «لقد كنتَ أعجبتني حين رأيتُك، ثم قد زَهِدتُ فيك حين كلمتني، أتكلمني في مِائتي بعير أصبتُها لك، وتترك بيتًا هو دينك ودين آبائك، قد جئتُ لهدمه، لا تكلمني فيه؟!».