محمد.
فهذا استفهام تقريري، أي: قد علمتَ. والرؤية هنا معناها: العلم، وإلا فإن الرسول
صلى الله عليه وسلم ما حضر هذه الواقعة. ﴿أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَٰبِ ٱلۡفِيلِ﴾، خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وجائز أن يكون
خطابًا لكل مَن يَعقل.
﴿أَلَمۡ يَجۡعَلۡ كَيۡدَهُمۡ فِي تَضۡلِيلٖ﴾، في ضياع. فكيدهم والهول الذي جاءوا به صار ضياعًا أمام
قدرة الله وبأسه. والله سبحانه وتعالى ما أنزل عليهم جنودًا ولا أنزل عليهم دبابات
أو أسلحة فتاكة، ولكنه سبحانه وتعالى أرسل عليهم طيرًا صغارًا، معها حجارة صغيرة
جدًّا في حجم الحِمَّص، ولكن هذه الحجارة ليست مثل الحجارة العادية، بل إنها حجارة
من النار.
والاستفهام
في قوله عز وجل: ﴿أَلَمۡ
يَجۡعَلۡ كَيۡدَهُمۡ فِي تَضۡلِيلٖ﴾
للتقرير، أي: قد جعل ﴿كَيۡدَهُمۡ
فِي تَضۡلِيلٖ﴾، جعله الله ﴿فِي تَضۡلِيلٖ﴾ أي: قوة ضائعة، لا قيمة لها. وقابَل الله سبحانه وتعالى
هذه القوة بطير صغار، ولم يقابلهم بجنود أو أسلحة، قال عز وجل: ﴿وَأَرۡسَلَ عَلَيۡهِمۡ
طَيۡرًا أَبَابِيلَ﴾ ﴿وَلِلَّهِ
جُنُودُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [الفتح: 7]، حتى إن البعوض من جنود الله سبحانه وتعالى،
يسلطه الله جل جلاله على من يشاء.
﴿تَرۡمِيهِم بِحِجَارَةٖ مِّن سِجِّيلٖ﴾،
حجارة محماة من النار.
﴿فَجَعَلَهُمۡ كَعَصۡفٖ مَّأۡكُولِۢ﴾،
فجَعَلهم الله سبحانه وتعالى بعد هذا الحَصْب الذي أصابهم - مِثل التبن. فـ
«العصف» هو: التبن. فجَعَلهم كتبن تدوسه الأرجل، فهم قد صاروا مثل التبن، فالله جل
وعلا يحمي بيته؛ ولذلك سُمي بـ«البيت العتيق»؛ لأن الله يعتقه من الجبابرة.
هذا، وصَلَّى الله وسَلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه.
*****
الصفحة 4 / 524