الْعَسَلِ، وَأَشَدُّ
بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَطْيَبُ رِيحًا مِنَ
الْمِسْكِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهُ أَبَدًا» ([1]).
فرسول
الله صلى الله عليه وسلم يَسقي بيده الذين يَرِدون إليه على الحوض من أمته، ويذاد
أقوام عن الحوض؛ لأنهم قد أحدثوا وبَدَّلوا وغَيَّروا بعده صلى الله عليه وسلم.
وعن
المختار بن فُلْفُل قال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: أَغْفَى
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِغْفَاءَةً، فَرَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا،
إِمَّا قَالَ لَهُمْ، وَإِمَّا قَالُوا لَهُ: لِمَ ضَحِكْتَ؟ فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ»،
فَقَرَأَ: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿إِنَّآ أَعۡطَيۡنَٰكَ ٱلۡكَوۡثَرَ﴾
حَتَّى خَتَمَهَا قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟»
قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «هُوَ نَهْرٌ أَعْطَانِيهِ
رَبِّي عز وجل فِي الْجَنَّةِ، عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ الْكَوَاكِبِ، يُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ
فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي فَيُقَالُ لِي: إِنَّكَ لاَ تَدْرِي
مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ» ([2]).
وأما
الذين استقاموا بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء هم الذين يَرِدون الحوض على
الرسول صلى الله عليه وسلم.
و
«الكوثر» داخل في القول الأول، الذي هو الخير الكثير، فالخير الكثير يدخل فيه نهر
الكوثر بلا شك.
وأَمَر
عز وجل الرسولَ صلى الله عليه وسلم أن يقابل هذه النعمة بالشكر؛ لذلك قال عز وجل: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾، مخلصًا لله سبحانه وتعالى في صلاتك، بخلاف الذي يصلي
رياءً وسمعة، فأَخْلِص الصلاة لله سبحانه وتعالى.
والصلاة هي أفضل الأعمال.
([1])أخرجه: أحمد رقم (23346)، وابن أبي عاصم في «السُّنة» رقم (725).