وقد كان عمه أبو لهب
يتابعه ويُكَذِّبه، فيمشي خلفه إذا ذهب يدعو الناس، ويقول لهم: «لا تُصَدِّقوه
فإنه كذاب».
وكذلك
كانت امرأته، وهي أم جميل بنت حرب بن أمية، أخت أبي سفيان، كانت تقف من رسول الله
صلى الله عليه وسلم موقف العداوة والأذى، وتسميه «مُذَمَّمًا» بدلاً من «محمدًا».
وسبب
نزول هذه السورة العظيمة أنه كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: لَمَّا
أَنْزَلَ اللهُ عز وجل: ﴿وَأَنذِرۡ
عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ﴾
[الشعراء: 214]، أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّفَا، فَصَعِدَ
عَلَيْهِ، ثُمَّ نَادَى: «يَا صَبَاحَاهْ». فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ،
بَيْنَ رَجُلٍ يَجِيءُ إِلَيْهِ، وَبَيْنَ رَجُلٍ يَبْعَثُ رَسُولَهُ، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، يَا
بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي.. يَا بَنِي...؟». قَالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا
عَلَيْكَ إلاَّ صِدْقًا، قَالَ: «فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ
عَذَابٍ شَدِيدٍ». فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: ﴿تَبَّتۡ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ ١ مَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُ مَالُهُۥ وَمَا كَسَبَ﴾
[المسد: 1، 2]. إِلَى آخِرِهَا ([1]).
وقول
أبي لهب: «تَبًّا لَكَ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟»، تَبٌّ وتَبَاتٌ، أي: خُسْران.
و«تتبيب»، أي: تدمير. فالتبّ معناه: الخَسار.
أي:
خَسارة لك! ألهذا جَمَعْتَنَا؟! أي: ألهذا الخبر جمعتنا؟! فهو يسخر من رسول الله
صلى الله عليه وسلم، ويحقر خبره.
قال
عز وجل ردًّا على أبي لهب: ﴿تَبَّتۡ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ﴾،
أي: خابتْ وخَسِرتْ وهلكتْ.
وقد عَبَّر سبحانه وتعالى باليدين في قوله عز وجل: ﴿تَبَّتۡ يَدَآ﴾؛ لأنهما أداة الكسب والأخذ والعطاء... وما أشبه ذلك.
([1])أخرجه: البخاري رقم (4770).