وقد
يُعَبَّر باليد عن النفس؛ كما في قوله عز وجل: ﴿ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ يَدَاكَ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ﴾
[الحج: 10]. أي: نفسك. وإلا فالخَسار عائد إليه.
و
«أبو لهب» هو: عبد العُزَّى بن عبد المطلب. و«العُزَّى»: صنم أهل مكة. وكنيته: أبو
عتيبة. وإنما كني «أبا لهب»؛ لإشراق وجهه من حمرته، فكان جميلاً.
وقوله
عز وجل: ﴿تَبَّتۡ
يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ﴾،
مقابل قوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم: «تَبًّا لَكَ! أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟!»،
فصار التباب عليه هو، وليس على الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثم
أخبر الله عز وجل بقوله: ﴿وَتَبَّ﴾، أي: خسر
وهلك وخاب؛ كما قال عز وجل: ﴿وَمَا كَيۡدُ فِرۡعَوۡنَ إِلَّا فِي تَبَابٖ﴾ [غافر: 37].
ففيها
دعاء وخبر، فالدعاء في قوله عز وجل: ﴿تَبَّتۡ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ﴾،
والخبر في قوله: ﴿وَتَبَّ﴾ أي: خاب، وخَسِر، وهلك.
ثم
قال عز وجل: ﴿مَآ
أَغۡنَىٰ عَنۡهُ مَالُهُۥ وَمَا كَسَبَ﴾،
فله مال وله كسب، لكنه لم ينفعه ذلك ما دام على الكفر، فإن الكافر لا ينفعه ماله
مهما بلغ، ولا ينفعه ولده مهما كثر؛ كما قال عز وجل: ﴿وَلَا تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَأَوۡلَٰدُهُمۡۚ إِنَّمَا يُرِيدُ
ٱللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي ٱلدُّنۡيَا وَتَزۡهَقَ أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ
كَٰفِرُونَ﴾ [التوبة: 85].
فلم
ينفعه ماله وما كسب من الأولاد والجاه.
وهذا له نظير، وهو ما صح عن عائشة رضي الله عنها قالت: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلاَدَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ» ([1]).
([1])أخرجه: الترمذي رقم (1358)، وابن ماجه رقم (2290)، وأحمد رقم (6678).