فأبو
لهب كان غنيًّا، ولكن هذا الغِنى لن ينجيه من عذاب الله سبحانه وتعالى؛ إذ كفر
بالله وعاند رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد
رُوِي عن عائشة رضي الله عنها، وذُكِر عن ابن مسعود رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ
اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَعَا قَوْمَهُ إِلَى الإِْيمَانِ، قَالَ أَبُو
لَهَبٍ: إِنْ كَانَ مَا يَقُولُ ابْنُ أَخِي حَقًّا، فَإِنِّي أَفْتَدِي نَفْسِي
يَوْمَ القِيَامَةِ مِنَ العَذَابِ الأَلِيمِ - بِمَالِي وَوَلَدِي!! فَأَنْزَلَ
اللهُ عز وجل: ﴿مَآ
أَغۡنَىٰ عَنۡهُ مَالُهُۥ وَمَا كَسَبَ﴾
[المسد: 2] ([1]).
ثم
إن الله سبحانه وتعالى قد أخبر خبرًا آخر، فقال عز وجل: ﴿سَيَصۡلَىٰ نَارٗا ذَاتَ لَهَبٖ﴾، أي: يقاسي من حرها ونارها.
ثم
قال عز وجل: ﴿وَٱمۡرَأَتُهُۥ﴾، هي: أُم جميل، أَرْوَى بنت حرب، أخت أبي سفيان، وكانت
عونًا لزوجها أبي لهب على كفره وجحوده وعناده؛ لأنها كانت حربًا على رسول الله صلى
الله عليه وسلم وتؤذيه أشد الأذى.
فقوله
عز وجل: ﴿وَٱمۡرَأَتُهُۥ﴾، أي: وتبت امرأته مثله.
قوله
عز وجل: معناه - والله أعلم -: أنها كانت تمشي بالنميمة بين الناس. وقيل: ﴿حَمَّالَةَ ٱلۡحَطَبِ﴾: أنها كانت تَحمل الشوك وتطرحه، وتلقيه بالليل في طرق
رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لتؤذيه بذلك الفعل.
﴿فِي جِيدِهَا﴾، أي: سيكون في عنقها يوم القيامة، ﴿حَبۡلٞ﴾، أي: قلادة - والعياذ بالله -. و «المسد» هو: الليف الذي تُفتل منه الحبال. ولكن المراد به هنا أنه حبل من النار تُعَذَّب به.
([1])انظر: زاد المَسِير (4/ 503)، وتفسير ابن كثير (8/ 486)، وتفسير القرطبي (20/ 238).