وأما
في الدنيا فإن هناك ملوكًا، لكن مُلكهم محدود وليس مطلقًا. وضعيف بالنسبة إلى مُلك
الله سبحانه وتعالى. كما أن مُلكهم منحة من الله سبحانه وتعالى، قال عز وجل: ﴿قُلِ ٱللَّهُمَّ مَٰلِكَ
ٱلۡمُلۡكِ تُؤۡتِي ٱلۡمُلۡكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلۡمُلۡكَ مِمَّن تَشَآءُ﴾ [آل عمران: 26]. فلا يشابهون مُلك الله سبحانه وتعالى.
وأما
في الآخرة، فإن الله عز وجل يقول: ﴿لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَۖ لِلَّهِ ٱلۡوَٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ﴾ [غافر: 16].
﴿إِلَٰهِ ٱلنَّاسِ﴾،
هذه هي الصفة الثالثة. و«الإله» هو: المعبود.
والمعبود
على قسمين:
القسم
الأول: معبود بحق، وهو الله سبحانه وتعالى.
القسم
الثاني: هو المعبود بالباطل، وهو ما سوى الله سبحانه وتعالى من
آلهة المشركين.
وفي
هذه السورة نجد أنواع التوحيد الثلاثة مذكورة:
أولاً:
توحيد الربوبية، والمتمثل في قوله عز وجل: ﴿مَلِكِ ٱلنَّاسِ﴾.
ثانيًا:
توحيد الألوهية؛ كما في قوله عز وجل: ﴿إِلَٰهِ ٱلنَّاسِ﴾.
ثالثًا:
توحيد الأسماء والصفات في قوله عز وجل: ﴿قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ﴾.
وكل
هذه الاستعاذات تقي من شر الشيطان - لعنه الله -.
قال
عز وجل: ﴿مِن
شَرِّ ٱلۡوَسۡوَاسِ﴾، الوَسواس
-بفتح الواو- وهو الشيطان. وأما الوِسواس -بكسر الواو- فإنه مصدر وسوس يوسوس
وِسواسًا.
﴿ٱلۡخَنَّاسِ﴾،
هو: الذي يَخْنَس ويتأخر.
وذلك لأن الشيطان إذا ذُكِر الله سبحانه وتعالى خنس وتأخر، وإذا لم يُذْكَر الله فإنه يوسوس ويدنو، فهو وَسواس مع الغفلة، وخناس مع ذكر الله سبحانه وتعالى.