الساعة، كل من لا يستطيع إقامة
دينه في بلد وهناك بلد يستطيع فيه إقامة دينه، فإنه يجب عليه الهجرة، فإن لم يهاجر
وهو يستطيع، فعليه وعيد شديد: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ ظَالِمِيٓ أَنفُسِهِمۡ
قَالُواْ فِيمَ كُنتُمۡۖ قَالُواْ كُنَّا مُسۡتَضۡعَفِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ قَالُوٓاْ
أَلَمۡ تَكُنۡ أَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٗ فَتُهَاجِرُواْ فِيهَاۚ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ
وَسَآءَتۡ مَصِيرًا ٩٧ إِلَّا
ٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلۡوِلۡدَٰنِ لَا
يَسۡتَطِيعُونَ حِيلَةٗ وَلَا يَهۡتَدُونَ سَبِيلٗا ٩٨ فَأُوْلَٰٓئِكَ
عَسَى ٱللَّهُ أَن يَعۡفُوَ عَنۡهُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَفُوًّا غَفُورٗا ٩٩ وَمَن يُهَاجِرۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يَجِدۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ
مُرَٰغَمٗا كَثِيرٗا وَسَعَةٗۚ وَمَن يَخۡرُجۡ مِنۢ بَيۡتِهِۦ مُهَاجِرًا إِلَى ٱللَّهِ
وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ يُدۡرِكۡهُ ٱلۡمَوۡتُ فَقَدۡ وَقَعَ أَجۡرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِۗ
وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا﴾ [النساء: 97- 100]، فالهجرة واجبة
لأجل الفرار بالدين إلى أن تقوم الساعة.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ»([1])، فالمراد به الهجرة من مكة؛ لأنها صارت دار إسلام، فلا هجرة من مكة إلى المدينة بعد الفتح؛ لأن مكة صارت دار الإسلام، وليس معناه: لا هجرة مطلقًا، بل الهجرة باقية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلاَ تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا»([2])، فالهجرة عمل جليل، ولهذا جاء ذكر المهاجرين مقدمًا على ذكر الأنصار رضي الله عنهم؛ لأن المهاجرين رضي الله عنهم أفضل من الأنصار رضي الله عنهم؛ لأنهم تركوا أوطانهم، وديارهم، وأولادهم، وأموالهم، وفروا بدينهم، فاستحقوا الثناء من
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2783)، ومسلم رقم (1864).