«لِكُلِّ امْرِئٍ مَا
نَوَى»، والامرئ المراد به: الإنسان، امرئ يراد به
الإنسان، وهو مجرور هنا، وينصب: وإنَّ امرءًا، ويرفع: امرؤٌ؛ فهو على حسب عوامل
الإعراب، يرفع وينصب ويجر بالعلامات الظاهرة.
«وَإِنَّمَا لِكُلِّ
امْرِئٍ مَا نَوَى»، وأما ما لم ينوه، فإنه لا يحصل له، ثم ضرب صلى الله
عليه وسلم لذلك مثلاً بالهجرة.
الهجرة هي: ترك
الشيء: ﴿وَٱلرُّجۡزَ فَٱهۡجُرۡ﴾ [المدثر: 5]، المراد بالرجز الأصنام، وهجرها تركها، اترك
عبادة الأصنام، فالهجر هو الترك، ومنه ترك الكلام يسمى هجرًا، إذا ترك مكالمة
الشخص، فقد هجره، يعني: ترك مكالمته، وترك المعاصي هجرة، المهاجر من هجر ما نهى
الله عنه، ترك المعاصي والسيئات هجرة؛ لأن فيه معنى الترك، ومن أنواع الهجرة ترك
الوطن والخروج منه فرارًا بالدين، ترك الوطن أو البلد إذا كان لا يستطيع إقامة
دينه فيه، فإنه يجب عليه أن يهاجر إلى أرض يستطيع فيها أن يعبد الله سبحانه وتعالى؛
كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم حيث هاجر الصحابة رضي
الله عنهم من مكة إلى الحبشة لما ضايقهم الكفار؛ فرارًا بدينهم، وهذه الهجرة
الأولى، ثم هاجروا الهجرة الثانية من مكة إلى المدينة، وهاجر النبي صلى الله عليه
وسلم من مكة إلى المدينة فرارًا بالدين.
والهجرة عمل جليل في الإسلام، وهي قرينة ﴿الجهاد في سبيل الله: ﴿وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾ [البقرة: 218]، فهي قرينة الجهاد؛ لأن فيها تركًا للوطن، وتركًا للأولاد والأموال؛ من أجل الدين وعبادة الله وحده لا شريك له، فهي عبادة عظيمة، وهي باقية إلى أن تقوم